موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

الذخائر والأعلاق في شرح ترجمان الأشواق

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

تحقيق الدكتور محمد حاج يوسف

وهنا قصائد ترجمان الأشواق دون شرح

 

 


48- القصيدة الثامنة والأربعين وهي أربعة عشر بيتاً من البحر الرجز

وقال رضي الله عنه:

1

يَا حَادِيَ الْعِيسِ بِسَلْعٍ عَرِّجِ،

***

وَقِفْ عَلَى الْبَانَة بِالُمدَرَّجِ

2

وَنَادِهِمْ مُسْتَعْطِفاً، مُسْتَلْطِفَ:

***

يَا سَادَتِي! هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ فَرَجِ؟

3

بِرَامَة، بَيْنَ النَّقَا وَحَاجِرٍ،

***

جَارِيَة مَقْصُورَة فِي هَوْدَجِ

4

يَا حُسْنَهَا مِنْ طَفْلَة غُرَّتُهَ

***

تُضِـيءُ لِلطَّارِقِ مِثْلَ السُّـرُجِ

5

لُؤْلُؤَة مَكْنُونَة فِي صَدَفٍ،

***

مِنْ شَعَرٍ مِثْلِ سَوَادِ السَّبَجِ

6

لُؤْلُؤَة غَوَّاصُهَا الْفِكْرُ، فَمَ

***

تَنْفَكُّ فِي أَغْوَارِ تِلْكَ الْلُّجَجِ

7

يَحْسَبُهَا نَاظِرُهَا ظَبْيَ نَقَا،

***

مِنْ جِيدِهَا وَحُسْنِ ذَاكَ الْغَنَجِ

8

كَأَنَّهَا شَمْسُ ضُحىً فِي حَمَلٍ،

***

قَاطِعَة أَقْصَـى مَعَالِي الدَّرَجِ

9

إِنْ حَسَـرَتْ بُرْقُعَهَا، أو سَفَرَتْ

***

أَزْرَتْ بِأَنْوَارِ الصَّبَاحِ الْأَبْلَجِ

10

نَادَيْتُهَا بَيْنَ الْحِمَى وَرَامَة

***

مَنْ لِفَتًى حَلَّ بِسَلْعٍ يَرْتَجِي

11

مَنْ لِفَتًى مُتَيَّهٍ فِي مَهْمَهٍ

***

مُوَلَّهٍ مُدَلَّهِ الْعَقْلِ شَجِي

12

مَنْ لِفَتًى دَمْعَتُهُ مُغرِقَة،

***

أَسْكَرَهُ خَمْرٌ بِذَاكَ الْفَلَجِ

13

مَنْ لِفَتًى زَفْرَتُهُ مُحْرِقَة،

***

تَيَّمَهُ جَمَالُ ذَاكَ الْبَلَجِ

14

قَدْ لَعِبَتْ أَيْدِي الْهَوَى بِقَلْبِهِ،

***

فَمَا عَلَيْهِ فِي الَّذِي مِنْ حَرَجِ

شرح البيت الأول:

1

يَا حَادِيَ الْعِيسِ بِسَلْعٍ عَرِّجِ،

***

وَقِفْ عَلَى الْبَانَة بِالُمدَرَّجِ

2

وَنَادِهِمْ مُسْتَعْطِفاً، مُسْتَلْطِفَ:

***

يَا سَادَتِي! هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ فَرَجِ؟

3

بِرَامَة، بَيْنَ النَّقَا وَحَاجِرٍ،

***

جَارِيَة مَقْصُورَة فِي هَوْدَجِ

يخاطب (بالحادي) داعي الحق للهمم الطالبة معرفته وشهوده. وقوله: "بسلع"، يريد بمقام الإحرام اليثربي (وهو إحرام أهل المدينة المنورة)، "عرّج"؛ أي أقبل.

وقوله: "وقف على البانة"، يقول: وأظهر لي في مقام القيومية والعطف، "بالمدرج"، يقول: على التدريج، لا تلقي إليّ الأمر دفعة واحدة فأهلك، لكن حالاً بعد حال، ومقاما بعد مقام، مخافة الدهش والحيرة.

وقوله: "ونادهم"، يريد الأسماء الإلهية، بلسان الاستعطاف والاستلطاف، "هل عندكم من فرج"؛ أي من شفاء لما نالني في هواها.

وقوله: "برامة "، منزل من منازل التجريد والتفريد.

وقوله: "بين النقا وحاجر"، يقول: بين الكثيب الأبيض وبين الحجاب الأحمى، المحجورعلى القلوب نيله."جارية"، يقول: معرفة ذاتية أحدية، "مقصورة": محبوسة، "في هودج"، يقول: يُساربها، أي أنها في قلوب العارفين، والقلوب لها كالهوادج، ومراكب القلوب (وهي الأجسام) كالإبل تحت الهوادج.

شرح البيتين الرابع والخامس:

ثم أخذ يصف هذه المعرفة الذاتية:

4

يَا حُسْنَهَا مِنْ طَفْلَة غُرَّتُهَ

***

تُضِـيءُ لِلطَّارِقِ مِثْلَ السُّـرُجِ

5

لُؤْلُؤَة مَكْنُونَة فِي صَدَفٍ،

***

مِنْ شَعَرٍ مِثْلِ سَوَادِ السَّبَجِ

يقول: "يا حسنها من طفلة "، أي ما أنعمها، و"غرتها"، تجلِّيها في نورها، "تضيء للطارق"، الآتي ليلا، يريد أهل المعارف والإسراءات، "مثل السّرج"، ليهتدى به في ذلك المعراج.

وقوله: "لؤلؤة "، أي شريفة مكنونة، يقول: محجوبة في صدف، "من شَعَر": في حجاب الغيب المشعور به، ولهذا يصح طلبها، لأنه ما لا يُشعر به لا يصح أن يطلب، ول تتعلق به همة.

شرح البيتين السادس والسابع:

ثم قال:

6

لُؤْلُؤَة غَوَّاصُهَا الْفِكْرُ، فَمَ

***

تَنْفَكُّ فِي أَغْوَارِ تِلْكَ الْلُّجَجِ

7

يَحْسَبُهَا نَاظِرُهَا ظَبْيَ نَقَا،

***

مِنْ جِيدِهَا وَحُسْنِ ذَاكَ الْغَنَجِ

يقول: إنّ الفكر يغوص في لجة بحرها ليستخرج هذه اللؤلؤة، وهي لا تخرُج بالفكر، فالفكر لا يزال غائصا أبداً، وهؤلاء هم أهل الأفكار الطالبين تحصيل هذه الأمور من باب النظر والاستدلال، وهيهات لما يطلبون، وبعداً لِما يرومون، والله م تحصل إلا بعناية مجرَّدة، وسرٍّ فارغ عن الأفكار، لأنها لا تُنال بالسعايات، ولكن بالعنايات الإلهية حصولها، فإذا حصلت "يحسبها (ناظرها)"، إذا كان تجليها في حضرة التمثل، "ظبيَ نقا" في التفاتها إليه في الكثيب الأبيض، وفي "حسن" كلامها وخطابها، الذي كنّى عنه بـ"الغنج".

شرح البيتين الثامن والتاسع:

ثم قال:

8

كَأَنَّهَا شَمْسُ ضُحىً فِي حَمَلٍ،

***

قَاطِعَة أَقْصَـى مَعَالِي الدَّرَجِ

9

إِنْ حَسَـرَتْ بُرْقُعَهَا، أو سَفَرَتْ

***

أَزْرَتْ بِأَنْوَارِ الصَّبَاحِ الْأَبْلَجِ

يقول: "كأنها شمس ضحى في حمل"، (أي في برج الحمل، وهو) بيت شرفها، يريد تجليها في مقام العزة والكبرياء. وقوله: "قاطعة أقصى معالي الدّرج"، (أي درج الفلك)، يقول: إشارة إلى ما يجده الناظر في نفسه من الزيادة والعظمة والكبرياء والعزة في إدامة النظر. وقوله: "إن حسرت"، أي إن رفعت الحجب وظهرت بوجهها، طُمس كل نور لنورها.

شرح البيتين العاشر والحادي عشر:

10

نَادَيْتُهَا بَيْنَ الْحِمَى وَرَامَة

***

مَنْ لِفَتًى حَلَّ بِسَلْعٍ يَرْتَجِي

11

مَنْ لِفَتًى مُتَيَّهٍ فِي مَهْمَهٍ

***

مُوَلَّهٍ مُدَلَّهِ الْعَقْلِ شَجِي

يقول: ناديتها، في وقت الحجاب، بين ("الحمى" الذي هو) حجاب العزة الأحمى، وبين ("رامة" التي تشير إلى) منازل التفريد: "من لفتى"، من الفتوة (وهي الشباب)، "حلّ بسلع"، منزل من منازل الحرمة الإلهية قد تعلق رجاؤه به، "من لفتى متيه"، أي حائر في عزتها وكبريائها، "في مهمه": في قفر، يريد حالة الانقطاع، "موَلَّه": حيران، "مدَلَّه": سكران العقل، "شج": محزون على ما فاته.

شرح الأبيات من الثاني عشر إلى الرابع عشر:

12

مَنْ لِفَتًى دَمْعَتُهُ مُغرِقَة،

***

أَسْكَرَهُ خَمْرٌ بِذَاكَ الْفَلَجِ

13

مَنْ لِفَتًى زَفْرَتُهُ مُحْرِقَة،

***

تَيَّمَهُ جَمَالُ ذَاكَ الْبَلَجِ

14

قَدْ لَعِبَتْ أَيْدِي الْهَوَى بِقَلْبِهِ،

***

فَمَا عَلَيْهِ فِي الَّذِي مِنْ حَرَجِ

يقول: "من لفتى"، يشير إلى مقام الفتوة (وهي: الحميَّة والمروءة والنجدة)، من قوله تعالى: ﴿سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ﴾ [الأنبياء: 60]. وقوله: "دمعته مغرقة"، هو ما تعطيه المشاهدة من المعرفة، ولذلك نسبها إلى الدمع. وقوله: "مغرقة"، أي من حصل في هذا البحر العرفاني فغرق يعرفه بأنه بحر لا ساحل له. وقوله: "أسكره خمر"، مع أنه لذة للشاربين، وهو كلُّ علم يعطي الابتهاج والسرور بالعلم بالكمال إذا حصل لهذه اللطيفة الإنسانية، و"الفلج": تفرق الأسنان، وهي مراتب في المعرفة.

وقوله: "من لفتى زفرته محرقة"، يقول: اصطلامه محرق، و"تيَّمَه": تعبده، و"البلج": تفرُّق الحاجبين، وهو المقام الذي بين الوزيرين الإمامين، فكأنه يشير إلى مقام القطب.

وقوله: "قد لعبت أيدي الهوى بقلبه"، يقول: إنه في تصريف الهوى، وتحت حكمه، "فما عليه في الذي يرومه"، على حسب ما وقع له في هواه، وهو الذي ابتنى عليه الخاطر الأول، "من حرج"، يقول من جُناح ولا إثم [ولمعرفة معنى الخاطر الأول انظر في شرح البيت الأول من القصيدة السادسة عشر].



 

 

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!