موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

الذخائر والأعلاق في شرح ترجمان الأشواق

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

تحقيق الدكتور محمد حاج يوسف

وهنا قصائد ترجمان الأشواق دون شرح

 

 


54- القصيدة الرابعة والخمسين وهي اثني عشر بيتاً من البحر المتقارب

وقال رضي الله عنه:

1

وَقَالُوا شُمُوسٌ بِدَارِ الْفَلَكْ

***

وَهَلْ مَنْزِلُ الشَّمْسِ إِلَّا الْفَلَكْ

2

إِذَا قَامَ عَرْشٌ عَلَى سَاقِهِ،

***

فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا اسْتِوَاءُ المَلِكْ

3

إِذَا خَلَصَ الْقَلْبُ مِنْ جَهْلِهِ،

***

فَمَا هو إِلَّا نُزُولُ المَلَكْ

4

تَمَلَّكَنِي وَتَمَلَّكْتُهُ،

***

فَكُلٌّ لِصَاحِبِهِ قَدْ مَلَكْ

5

فَكَوْنِيَ مُلْكاً لَهُ بَيِّنٌ،

***

وَمُلْكِي لَهُ قَوْلُهُ هَيْتَ لَكْ

6

فَيَا حَادِيَ الْعِيسِ عَرِّجْ بِنَا،

***

وَلَا تَعْدُ بِالرَّكْبِ دَارَ الْفَلَكْ

7

أَعَلَّكَ دَارٌ عَلَى شَاطِئٍ،

***

بِقُرْبِ المُسَنَّى وَمَا عَلَّلَكْ

8

فَلَيْتَ الَّذِي بِي وَحُمِّلْتُهُ،

***

مِنَ الْحُبِّ رَبُّ الْهَوَى حَمّلَكْ

9

فَلَيْسَ زَرُودٌ وَلَا حَاجِرٌ،

***

وَلَا سُلَمٌ مَنْزِلٌ أَنْحَلَكْ

10

ظَلَلْتَ لِحَرِّ النَّوَى طَالِباً

***

سَحَابَ الْوِصَالِ وَمَا ظَلَّلَكْ

11

أَذَلَّكَ عِزٌّ لِسُلْطَانِهِ،

***

فَلَيْتَ كَمَا ذَلّلَكْ ذَلَّ لَكْ

12

وَيَا لَيْتَهُ إِذْ أَبَى عِزَّة

***

تَدَلُّلُـهُ لَيْتَهُ دَلَّ لَكْ

شرح البيتين الأول والثاني:

1

وَقَالُوا شُمُوسٌ بِدَارِ الْفَلَكْ

***

وَهَلْ مَنْزِلُ الشَّمْسِ إِلَّا الْفَلَكْ

2

إِذَا قَامَ عَرْشٌ عَلَى سَاقِهِ،

***

فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا اسْتِوَاءُ المَلِكْ

يقول: وقالوا ("شموس"، أي) الأنوار الإلهية، "بدار الفلك": يعني القلب، لاستدارته، أشار به إلى قوله: «(مَا وَسِعَنِي أَرْضِي وَلا سَمَائِي) وَوَسِعَنِي قَلْبُ عَبْدِي الْمُؤْمِن» [القصيدة الثانية: البيت السابع].

وقوله: "إذا قام عرش"، البيت بكماله، فالإشارة به إلى قوله (تعالى): ﴿فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي﴾ [الحجر: 29، ص: 72]، وقوله (تعالى): ﴿اَلرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اِسْتَوى﴾ [طه: 5]، وقوله تعالى: ﴿فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ﴾ [الانفطار: 7]؛ كل هذا إشارة إلى المعنى، ولابدَّ لمُلْكٍ مهيَّأ من مَلِك يقوم عليه وبه.

شرح الأبيات الثالث والرابع والخامس:

ثم قال:

3

إِذَا خَلَصَ الْقَلْبُ مِنْ جَهْلِهِ،

***

فَمَا هو إِلَّا نُزُولُ المَلَكْ

4

تَمَلَّكَنِي وَتَمَلَّكْتُهُ،

***

فَكُلٌّ لِصَاحِبِهِ قَدْ مَلَكْ

5

فَكَوْنِيَ مُلْكاً لَهُ بَيِّنٌ،

***

وَمُلْكِي لَهُ قَوْلُهُ هَيْتَ لَكْ

يقول: إذا قام القلب من جهله في مقام الإخلاص، فما هو إلاّ تنزل الروحانيات العلى له؛ عبَّرَ عنه بالتخلُّص من الجهل لقيام العلم به. وقوله: "تملَّكني"، من حيث أنني مقيَّدٌ به، "وتملَّكته"، من حيث إنه ليس للأسماء ظهور إل في الممكن، فمن هذا الوجه أيضاً يكون نسبة صورته تحت حيطة الخبر النبوي (أنَّ الله «خَلَقَ آدَمَ على صُورَتِهِ» [كنز العمال: 1148، 15129])، وقد فسَّر ذلك في البيت الآخر في قوله: "فكوني مُلكاً له بيّن"، وهو التقيُّد الذي ذكرناه، وقوله: "وملكي له قوله: هيت لك"، لظهور الأسماء، فإني لو لم آخذها لم يظهر لها أثر، إذ لا أثر في القِدم، ولا في القديم.

شرح البيتين السادس والسابع:

ثم قال:

6

فَيَا حَادِيَ الْعِيسِ عَرِّجْ بِنَا،

***

وَلَا تَعْدُ بِالرَّكْبِ دَارَ الْفَلَكْ

7

أَعَلَّكَ دَارٌ عَلَى شَاطِئٍ،

***

بِقُرْبِ المُسَنَّى وَمَا عَلَّلَكْ

يقول: فيا داعي الهمم عرج بنا نحو "دار الفلك"، الذي هو القلب، لأنه بيت التجلي والسَّعة الإلهية، و"دارُ الفلك": دار ببغداد، وقفٌ على النساء المتعبِّدات، على شاطئ الدجلة بقرب المسنّى، دار الإمام رضي الله عنه. فقال: "أعلَّكَ"، أي أورثك ذلك القرب عِلَّة الهوى.

وقوله: "على شاطئ"، يريد نهر الحياة والصدق، فإنه في مقابلة الضدّ، فهو على التفاؤل؛ كما يقال في اللَّديغ: "سليم"، وفي الزُّفت: "بياض"، وكذلك "دجلة"، وإن كانت موضوعة للكذب (من "الدجل")، فإنّ المراد بها هنا ضد ذلك، وهو "الصدق"، وذلك لإزالة عين الناظر، ردًّا لعينه لئلا تُصيبها.

وقوله: "بقرب المسنى"، مقامُ القطب إذ كان دار الخليفة، "وما علَّلك": من التعلُّل كأنه يقول: أمْرَضَك وما مَرَّضَك.

شرح البيتين الثامن والتاسع:

ثم قال:

8

فَلَيْتَ الَّذِي بِي وَحُمِّلْتُهُ،

***

مِنَ الْحُبِّ رَبُّ الْهَوَى حَمّلَكْ

9

فَلَيْسَ زَرُودٌ وَلَا حَاجِرٌ،

***

وَلَا سُلَمٌ مَنْزِلٌ أَنْحَلَكْ

يقول لعاذله: "فليت الذي بي" من ألم الهوى، و"حمِّلتُه" من أثقال المحبة، يحمِّلُك الله أمثالها، من غير هذا الباب.

وقوله: "فليس زرود"، البيت بكماله، يقول: وما أنحلَكَ ممكن أصلا، ول مقامٌ، يشير إلى أنّ حبَّهُ لمشهد ذاتي أنزه أقدس، يتعالى عن التقييد بالأماكن.

شرح الأبيات من العاشر إلى الثاني عشر:

ثم قال:

10

ظَلَلْتَ لِحَرِّ النَّوَى طَالِباً

***

سَحَابَ الْوِصَالِ وَمَا ظَلَّلَكْ

11

أَذَلَّكَ عِزٌّ لِسُلْطَانِهِ،

***

فَلَيْتَ كَمَا ذَلّلَكْ ذَلَّ لَكْ

12

وَيَا لَيْتَهُ إِذْ أَبَى عِزَّة

***

تَدَلُّلُـهُ لَيْتَهُ دَلَّ لَكْ

يقول: أقمتَ تطلبُ لِما أصابك من "حرِّ النَّوى" سحابةَوصلٍ تظلِّل عليك لتَنْعَم وتستريح، فما فعل معك ذلك، لأنك محجوب، فلو كشفتَ قُربَه منك؛ وأنَّه سمعك وبصرك، لم يكن شيء مما ذَكرت (أي من ذلك النوى الذي تزعم). وقوله: "أذلَّك عزٌّ لسلطانه"، يقول: تجلى لك في مقام العزة، فذللت للمقام، لا له، فقد كنت تعرفه وما طرأ عليكحال ذلَّة، مثل ما طرأ عليك عند تجليه لك في مقام العزة،فقد يكون ذلك طعنا في معرفتك.

وقوله: "فليت كما ذلَّلَك"، يقول: كما أكسبك الذُّلَّ، ليته نزل إليه نزول لطف وأُنس، و"يا ليته إذ أبى عزَّةً" هذا التنزل، ليته يقيمك في مقام الإدلال، لتنبسط نفسك، ويرتاح سرُّك، ولا يُبقيك في هذا المقام الذي أنت فيه.



 

 

البحث في نص الكتاب


بعض كتب الشيخ الأكبر

[كتاب الجلالة وهو اسم الله] [التجليات الإلهية وشرحها: كشف الغايات] [ترجمان الأشواق وشرحه: الذخائر والأعلاق] [مواقع النجوم ومطالع أهلة الأسرار والعلوم] [التدبيرات الإلهية في إصلاح المملكة الإنسانية] [عنقاء مغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب] [كتاب كلام العبادلة] [كتاب إنشاء الدوائر والجداول] [كتاب كنه ما لابد للمريد منه] [الإسرا إلى المقام الأسرى] [كتاب عقلة المستوفز] [كتاب اصطلاح الصوفية] [تاج التراجم في إشارات العلم ولطائف الفهم] [كتاب تاج الرسائل ومنهاج الوسائل] [الوصية إلى العلوم الذوقية والمعارف الكشفية ] [إشارات في تفسير القرآن الكريم] [الفتوحات المكية] [فصوص الحكم] [رسالة روح القدس في مناصحة النفس] [كتاب الأزل - ثمانية وثلاثين] [أسرار أبواب الفتوحات] [رسالة فهرست المصنفات] [الإجازة إلى الملك المظفر] [محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار] [رسالة الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار] [حلية الأبدال وما يظهر عنها من المعارف والأحوال] [كتاب الألف وهو كتاب الأحدية] [كتاب العظمة] [كتاب الباء] [كتاب الياء وهو كتاب الهو] [كتاب الحروف الدورية: الميم والواو والنون] [رسالة إلى الشيخ فخر الدين الرازي] [الإسفار عن نتائج الأسفار] [كتاب الشاهد] [الحكم الحاتمية] [الفناء في المشاهدة] [القسم الإلهي] [أيام الشأن] [كتاب القربة] [منزل القطب ومقاله وحاله] [منزل المنازل الفهوانية] [المدخل إلى المقصد الأسمى في الإشارات] [الجلال والجمال] [ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا] [رسالة المضادة بين الظاهر والباطن] [رسالة الانتصار] [سؤال اسمعيل بن سودكين] [كتاب المسائل] [كتاب الإعلام بإشارات أهل الإلهام]

شروحات ومختصرات لكتاب الفتوحات المكية:

[اليواقيت والجواهر، للشعراني] [الكبريت الأحمر، للشعراني] [أنفس الواردات، لعبد اللّه البسنوي] [شرح مشكلات الفتوحات، لعبد الكريم الجيلي] [المواقف للأمير عبد القادر الجزائري] [المعجم الصوفي - الحكمة في حدود الكلمة]

شروح وتعليقات على كتاب فصوص الحكم:

[متن فصوص الحكم] [نقش فصوص الحكم] [كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح فصوص الحكم] [كتاب شرح فصوص الحكم] [كتاب جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص] [شرح الكتاب فصوص الحكم] [كتاب مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم] [كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم] [شرح على متن فصوص الحكم] [شرح ا فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي] [كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص] [تعليقات على فصوص الحكم] [شرح كلمات فصوص الحكم] [المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم]

بعض الكتب الأخرى:

[كتاب الشمائل المحمدية للإمام أبي عيسى الترمذي] [الرسالة القشيرية] [قواعد التصوف] [كتاب شمس المغرب]

بعض الكتب الأخرى التي لم يتم تنسيقها:

[الكتب] [النصوص] [الإسفار عن رسالة الأنوار] [السبجة السوداء] [تنبيه الغبي] [تنبيهات] [الإنسان الكامل] [تهذيب الأخلاق] [نفائس العرفان] [الخلوة المطلقة] [التوجه الأتم] [الموعظة الحسنة] [شجرة الكون]



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!