موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

البحث داخل الكتاب

عرض الصفحة 43 - -

 

كتاب فصوص الحكمللشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

التنسيق موافق لطبعة ....

 

 
  االصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

- كتاب فصوص الحكم - الصفحة 43


هو الواحد الحق والوجود المطلق، الظاهر من الأزل بصورة كل متعين. والعالم ظل الله، لا وجود له في ذاته ولكنه من حيث عينه وجوهره قديم قدم الله نفسه. وخلق العالم ليس إحداثاً له من العدم بل تجلي الحق الدائم في صور الوجود. والرحمة الإلهية منح الله الوجود للموجودات. والمعبود هو الحق الواحد مهما تعددت صور اعتقادات الخلق فيه. والجنة والنار اسمان لنعيم القرب من الله وعذاب الاحتجاب عنه. والطاعة والمعصية اسمان لا مدلول لهما إلا في نظر التكاليف الشرعية إلخ إلخ.

ولكن منطق مذهب وحدة الوجود الذي يقضي القضاء التام على كيان أي دين منزَّل ويضيع معالم الألوهية بمعناها الديني الدقيق، لم يكن له ذلك الأثر الهادم في مذهب ابن عربي. فهو يهدم من ناحية ليبني من ناحية أخرى، بل يبني أحياناً على أنقاض ظاهر الشريعة ديناً أعمق في روحانيته وأوسع في أفقه وأكثر إرضاء للنزعة الانسانية العامة من كل ما تصوره أهل الظاهر من الفقهاء والمتكلمين عن الدين. وهو يحاول بكل ما أوتي من قوة وحيلة في الفكر أن يبقي على معنى الألوهية في مذهبه. فبدلًا من أن تتغلب عليه فكرة الوجود المادي فيعتبر الحقيقة قاصرة على العالم، والله اسماً على غير مسمى، غلبت عليه فكرة الوجود الروحي، فاعتبر الوجود الحق قاصراً على الله، والعالم ظلًا له وصورة، وفرَّق بين وجهي الحقيقة الوجودية الواحدة (الحق والخلق) على الرغم من العبارات الكثيرة التي يصرح فيها بعينيتهما. وهذه التفرقة على أساس أن الحق له الوجوب الذاتي الذي لا قَدَم لمحدث من المحدثات فيه.

الاسكندرية في 23 رمضان سنة 1365 (20 أغسطس سنة 1946) أبو العلا عفيفي‏


-


- كتاب فصوص الحكم - الصفحة 43


 
  االصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!