موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية: مكتبة الشيخ عبد الكريم الجيلي

الإنسان الكامل في معرفة الأواخر والأوائل

تأليف الشيخ عبد الكريم بن إبراهيم الجيلي (667هـ - 828هـ)

 

 


35. الباب الخامس والثلاثون في الفرقان

 صفات  اللَّه  فرقان       .....          وذات  اللَّه  قرآن

وفرق  الجمع  تحقيق       .....     وجمع  الفرق  وجدان

وتفرقة  الصفات  على        .....   اختلاف  النعت  جمعان

وحكم  الذات  في       .....            أحدية  التوحيد  فرقان

لأن  الوصف لا ينفك       .....       و هو   لذاته  شان
اعلم أن الفرقان عبارة عن حقيقة الأسماء والصفات على اختلاف تنوعاتها.
فباعتباراتها تتميز كل صفة واسم عن غيرها، فحصل الفرق في نفس الحق من حيث أسماؤه الحسنی و صفاته.

 فان اسمه الرحیم غیر اسمه الشدید، و اسمه المنعم غیر اسمه المنتقم، وصفة الرضا غير صفة الغضب.

 وقد أشار إليه في الحديث النبوي عن الله تعالى أنه يقول: "سبقت رحمتي غضبي".

 لأن السابق أفضل من المسبوق.

وكذلك فى الأسماء المرتبة، فالمرتبة الرحمانية أعلى من المرتبة الربية.

 ومرتبة الألوهية أعلى من الجميع.

 فتميزت الأسماء بعضها عن بعض فحصل الفرق فيها، فكان الأعلى أفضل ممن له الحكم عليه.

 فاسمه الله أفضل من اسمه الرحمن.

 واسمه الرحمن أفضل من اسمه الرب.

 واسمه الرب أفضل من اسمه الملك.

 وكذلك بواقي الأسماء والصفات، فإن الأفضلية ثابتة في أعيانها، لا باعتبار أن في شيء منها نقصاً ولا مفضولية.

 بل لما اقتضته أعيان الأسماء والصفات في أفضليتها، ولهذا حكمت بعضها على بعض.

فقيل أعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ برضاك من سخطك.

 وأعوذ بك منك لا أحصى ثناء عليك.

 فهذا فرقان في نفس الذات.

 فأعاذت المعافاة من العقوبة والمعافاة مفاعلة، وكان العفو أفضل من فعل العقوبة، ولهذا أعاذه منه وأعاذ الرضا من السخط.

 فقلنا: إن صفة الرضا أفضل من صفة الغضب. و أعاذه بذاته من ذاته.

 فكما أن الفرق حاصل في الأفعال فكذلك في الصفات، وكذلك في نفس واحدية الذات التي لا فرق فيها.

 لكن من غرائب شئون الذات جمع النقيضين من المحال والواجب، فكل ما يستحيل في العقل ويسوغ في العبارة والنقل فإنها تشهده من الأحكام الواجبة في الذات.

 وإلى ذلك أشار الإمام أبو سعيد الخراز بقوله: عرفت الله بجمعه بين الضدّين.

ولا تظن بأنه مطلق جمعه للأول والآخر والظاهر والباطن.

 بل الحق والخلق وعدم التفاضل والمستحيل والواجب والمعدوم والموجود والمحدود وما لا يتناهى إلى غير ذلك من النقائض، بالضاد المعجمة، والأضداد.

 فإنه سبحانه وتعالى يجمعها بالشأن الذاتي، وهويته عبارة عن جميع ذلك، وهذا معنى قوله: فافهم.

وإذا عرفت فالزم.

 والله يقول الحق وهو يهدي للصواب، وإليه المرجع والمآب.


 


 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!