لوامع البرق الموهن
تأليف الشيخ عبد الكريم بن إبراهيم الجيلي (667هـ - 828هـ)
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله مظهر أسمائه و صفاته ، في أكمل مظهر خلقه من نور ذاته ، فجعله قلب الوجود و خلاصة لكل موجود ، وصيّره أكمل عابد يدل على المعبود .
فهدى الخلق ، وأظهر الحق ، بنفي الريب والجحود ، وكشف عن بصائر الكمل رفع الحجاب لصحة الشهود ، فكان واسطة عقد نظام سلك الظل الأزلي الممدود ، حتى نطق بلسانه، معبرا عن أعظم شانه ، في طوره الأكمل الأفضل ، بقوله : "لي وقت لا يسعني فيه ملك مقرب ولا نبي مرسل" .
منبها لنا بذلك ، لنرجع بقطرات وجودنا إلى بحره الزاخر ، فنفوز من كماله بكل وصف فاخر ، صلى الله عليه وعلى اله وأصحابه وأزواجه ، وعترته وأنسابه ، ومن التحق بهم من خلفائه وأحبابه .
أما بعد ..
فهذا كتاب اذكر فيه بعض الحضرات القدسية ، التي اتسعت لها القلوب المحمدية ، حيث التحقت به في المكانة الصديقية ، لعروجها في إثره ، متماسكة بما علمتة من خبره وخيره ، سالكة في الظاهر شريعته ، قابضة بالنواجذ حقيقته ، سائرة على الدوام طريقته ، حتى أنشد لسان حالهم بقول القائل :
فغني لي مني قلبي ….. و غنيت كما غني
فكنا حيثما كانوا ….. وكانوا حيث ما كن
بيد أن الكلام في هذه الرسالة ، على إتساع القلب المحمدي وجنانه، بكلام أجعل إسناده إلى القلب ، مطلقا في بيانه ، والمقصود به القلب الملحق بقلبه صلى الله عليه وسلم وجنانه .
فلذلك فاحت هذه الرسالة من روائح الأمم ، برياح جوامع الكلم ، وهبت عليها نسمات الكرم ، بنفحات نفائح الحكم ، حتى أنشد لسان حال هذه الرسالة بقول القائل ، لله دره ، إذ قال :
ألا إن وادي الجزع أضحى ترابه … من المس کافورا وأعواده رند
وما ذاك إلا أن هندا عشية ….. تمشیت وجرت في جوانبه برد
وقد سماه المفيض المحسن بكتاب :
" لوامع البرق الموهن ، فى معني ما وسعني أرضي ولا سمائئي ، ووسعني قلب عبدي المؤمن".
وقد رتب هذا الكتاب على ثمانية ابواب، وهو المسئول ان ينفع به اولي الالباب، الله المهدي و الملهم للصواب.