موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المناظر الإلهية

تأليف الشيخ عبد الكريم بن إبراهيم الجيلي (667هـ - 828هـ)

 

 


*****المنظر الرابع والعشرون منظر البشائر

تتواتر البشائر الإلهية على العبد، في هذا المنظر، فيبشرونه بالكمالات الإلهية، والمقامات القطبية، والاختصاصات الاصطفائية، إلى ما لا يخطر بالبال، ولا يمكن شرحه بشيء من المقال..

فيجد لتلك البشائر، الواردة في نفسه، من علامات صحة وقوعها، ما لا يحتاج إلى زيادة تأكيد.

وورود هذه البشائر على ثلاثة أنواع:

النوع الأكمل: هو أن يكشف الله تعالى لك، أولا، عن ما أودعك من اسراره، التي استعدت قابليتك لقبول فیض ما إلهی.

ثم يبشرك بأخباره من طريق المكالمة، أو المحادثة، أو المخاطبة، أو المسامرة - انه يبلغ ذاك المقام، فهذه بشارة اكمل البشائر.

وأما النوع المتوسط:

فهو أن يحصل الأخبار الالهي للعبد من غير أن يكشف له عن سره، الذى.

تستعد به القابلية على قبول الفيض اللائق بذلك المقام، الموعود به له.

فهذا يحتمل فيه الوصول إلى ما وعد به على طريق المَلًك، ويحتمل فيه للوصول على طريق العارية، ويحتمل فيه الوقوع على الأمر اجمالا:

فقد شاهدنا فقيرا، قيل له ستبلغ الى مقام القطبانية، ثم مات قبل ذلك، ولم ينل ذلك المقام و قريبا منه.

على أن هذا الفقير كان وارده حقا، لا ريبة فيه، ولكنه وصل الى تجلى اسم إلهی، وتجلى اسم الله تعالى: قطب رحى العالم.

لأن العالم باجمعه، لا يدور الا على تجلی أسمائه وصفاته.

عبر له عن ذلك التجلي، بمقام القطبية، وقد بلغه، وكان عنده من مفهوم البشارة خلافها.

وأما النوع الثالث من البشائر:

فهو ما يرد عليك، في هذه الأنواع من البشارة، بطريق مخاطبات الملائكة، أو منام تراه، او پري لك، او بتصريح ولی، جرت سنة الله ان تصدقه في كشفه. وأخبار الولي أعلى من أخبار الملك، ومن سائر الرؤيا.

آفة هذا المنظر:

هو أن البشائر لا تكون الا قبل حصول الشيء، وهذا نقص في حق الكمل، فإن الكامل ل يفوته شيء.

فمتى ورد عليك شيء من أنواع البشائر، فاعلم أنه لضعف فيك، أو نقص عندك. وليس ذلك دأب فحول أهل الله تعالى، فافهم.


 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!