موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المناظر الإلهية

تأليف الشيخ عبد الكريم بن إبراهيم الجيلي (667هـ - 828هـ)

 

 


*****المنظر الخامس والعشرون منظر النذائر

يطلع العبد، في هذا المنظر، على تقلبات القلوب ،وما تقتضيه كل تقليبة من البعد عن الله تعالى.

ويتحقق بعلم الآخرة: فينظر الأعمال جميعها، حالا وملابس على ذات العامل. ويرى الأخلاق كلها، صورا لصاحبها.

ويطلع على زيغ القلوب والأبصار، الشدة وقوع أهوال الآخرة.

ويرى ما فيه من المواضع، التي تقتضي الخوف لأجلها، فترد عليه ملائكة المقام، بأنواع النذائر.

وتبصره بأحوال طريقه، فيحصل عنده من الخوف، ما يكاد أن يذيب كبده، وشحمه، وكلاه.

فيموت من يموت في هذا المقام، لشدة الخوف، ويختل من يختل عقله، ويرجع من يرجع، من المعارف، إلى السلوك. ويحفظ الله من اراد تكميله.

ومن حكمة الله أن جرت سنته في النذائر، أن لا يتوعد العبد بها من طريق المكالمة، والمحادثة، وأمثال ذلك من الإخبارات الإلهية التي هي بلا واسطة.

بل لابد وأن تكون بواسطة منه، وفضلا.

آفة هذا المنظر:

هو أن الخوف، والنذائر، وأمثال ذلك، من لوازم المقامات الخلقية.

والكامل: من لا يكون عنده من مقامه الخلقى أثر، سوى من حيث الاطلاع الإلهی، فافهم !.

وما ورد عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: ( أنا أعرفكم بالله، وأشدكم خوفا منه.. )

فليس من هذا القبيل، بل تلك من الخصوصيات النبوية المحمدية، التي بها يتم له مقام الوسيلة، وهي الشفاعة الكبرى.

فخوفه من الله تعالى إنما هو على أمته، لا على نفسه، لأنه الموعود بتمام النعمة، في نص القرآن، فليس خوفه من قبيل خوفنا.


 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!