موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المناظر الإلهية

تأليف الشيخ عبد الكريم بن إبراهيم الجيلي (667هـ - 828هـ)

 

 


*****المنظر الثاني والثلاثون منظر الفتق

يتجلى الله تعالى عليك في هذا المنظر بتجل:

يفتق فيه ما ارتتق عليك، أو على غيرك، من العلوم الالهية، والمعارف الربانية، وتعلم محل التباس الأمور.

يكشف لك في هذا التجلي:

عن تداخل العلوم والمعلومات بعضها في بعض، فترى المسألة الواحدة المعقولة في ضد م يقال، بعينها في ضده، لكن من جهة أخرى، لتداخل حضراتها في بعضها بعض.

وفي هذا المنظر يفتح عليك بتمييز الفهم عن الله، تعالى، وتعلم الخاطر الأول، الذي يسميه سهل بن عبد الله التستري بالسبب الأول، و هو خاطر إلهی لا يكون إلا حقا.

آفة هذا المنظر:

هو أن الفتق لا يطرا الا على محل الرتق، ولا يكون الفتق والرتق الا لمن هو دون مرتبة الكمال. لأن العلوم عندنا صور ثابتة متميزة.

ليس لشيء منها بشيء التباس، ولا امتزاج، ولا إرتتاق يحتاج إلى إفتقاق، بل أعيان قائمة، مشهودة بحقائقها، اجمالا وتفصيلا، سمعا وعيانا.

رتق الفتق: برتقه رتقا: ضمه ولأمه.

والرتق: الضم خلقة كان او صنعة.. وفي القرآن: ( أو لم ير الذين كفروا أن السموات والارض كانتا رتقا ففتقناهما ) الأنبياء، آية ۳۰.

ای كانتا ذاتی رتق او مرتوقتين.. »

انظر: معجم ألفاظ القرآن الكريم، مادة رتق: وفي اصطلاحات الصوفية:

الفتق: ما يقابل الرتق من تفصيل المادة المطلقة بصورها النوعية.

او ظهور كل ما بطن في الحضرة الواحدية من النسب الأسمائية، وبروز كل ما كمن في الذات الأحدية من الشؤون الذاتية كالحقائق الكونية بعد تعيينها في الخارج ». مادة الفتق.

أما الرتق: فهو اجمال المادة الوحدانية المسماة بالعنصر الأعظم المطلق: المرتوق، قبل خلق السموات والارض، المفتوق، بعد تعينها بالخلق.

وقد يطلق على نسب الحضرة الواحدية باعتبار لا ظهورها، وعلى كل بطون وغيبة.

كالحقائق المكنونة في الذات الأحدية، قبل تفاصيلها في الحضرة الواحدية، مثل الشجرة في النواة ".

مادة رتق. وانظر: الكمشخانوي، ولطائف الاعلام في: رتق، وفتق.

(7) - يعرف الكمشخانوى « الخاطر » بأنه: « ما يرد على القلب من الخطاب أو الوارد الذي لا عمل للعبد فيه.

وما كان خطابا، فهو على أربعة اقسام:

ربانی، وهو أول الخواطر، ويسميه سهل ( السبب الأول )، وهو لا يخطيء أبدا، ويعرف بالقوة والتسلط وعدم الاندفاع بالدفع.

وملكي، وهو الباعث على مندوب، أو مفروض، أو كل ما فيه صالح، ويسمى إلهاما.

ونفساني، وهو ما فيه حظ النفس، ويسمى هاجسا ،

وشيطاني، وهو ما يدعو إلى مخالفة الحق.

قال الله تعالى: " الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء ".

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " الشيطان تكذيب بالحق، وابعاد بالشر، و يسمى وسواسا، ويوزن بميزان الشرع، فما فيه قربة، فهو من الأولين، وما فيه كراهة، أو مخالفة شرع فهو من الآخرين.

والعارف الصاف القلب، الحاضر مع الحق، يسهل عليه الفرق بينها، بتيسير الله وتوفيقه ». انظر: جامع الأصول، مادة ( الخاطر ).

وانظر كذلك: ( اصطلاحات الصوفية ) و ( لطائف الاعلام ) للكاشاني، مادة الخاطر.

ونلاحظ أن الجيلى يزيد في أقسام الخاطر ما يسميه ب "الخاطر العقلی"، وهو نحت جیلی صرف. سهل التستري: من صوفية الطبقة الثانية، توفي سنة 283 هـ.

يصفه السلمي بأنه " أحد أئمة القوم وعلمائهم، والمتكلمين في علوم الرياضيات، والاخلاص، وعيوب الأفعال ".

(9) السبب الأول هو في اصطلاح الطائفة: عبارة عن الخاطر الأول الذي يدعو الى أمر الهی، وعلامته أن لا يخطئ أبدا.

مادة ( السبب الأول )، وما أورده الجيلي قريب جدا من هذا التعريف.

(12) يعرف الكاشاني " البقاء " بقوله: « البقاء: يطلق، ويراد به رؤية العبد قيام الله على كل شيء.

فالبقاء أحد المقامات العشرة التي تشتمل عليها قسم النهايات لأهل السلوك في منازل السير إلى الحق جلاله، وهو مقام أرباب التمكين في التلوين...

وعند حصول هذا التمكين، لم تبق غلبة الاسم، ولا العبادة، ولا الإشارة، ليؤذن ذلك بتميز او اضافة، فيبقى من لم يزل، ويفني من لم يكن.

ولهذا كان مقام البقاء بعد الحالة المسماة بالفناء... والبقاء مرتبة من يسمع بالحق، ويبصر به، المشار إلى هذه المرتبة بقوله: بې يسمع، وبي يبصر.. الحديث ».


 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!