*****المنظر الثامن والأربعون منظر الايمان

للإيمان منظر، من تجلى الله تعالى عليه به، أدرك به سائر العلوم والأسرار.

ووصل إلى سائر المقامات العلية، وقطع به سائر المنازل، بنفس واحد.

فلا يفوته علم ما يورده عليه، بای بطریق آورد به عليه، ولا يتغرب عليه حكمه، ول صنيعه، ولا عمل.

فيكاد أن يحيط بتفاصيل الاشياء لسعة فلكه، ووفور حظه من الله تعالى.

وكنت قد سطرت كلمات في هذا المنظر، من قبيل ما يجده صاحب هذا المنظر، وأسندته على حسب ما فتح الله به على، فيما بيني وبينه تعالى.

فوجدت هذا لا يكاد العقل يقبله، وربما علمت به نزاعا من بعض علمائنا في ذلك.

فاستخرت الله تعالى، وعزمت على ذلك، وعلمت أن الله تعالى لم يكتم ذلك، الا غيرة عليه ممن ليس من أهله.

وجملة حاصل ما كان غرضي أن أثبته، في هذا المنظر، هو أن يعلم أن الله تعالى جعل هذ المنظر هیولی سائر المناظر*.

فجعل له هيمنة على المناظر الالهية.

فمن تجلی عليه في هذا المنظر وحصل له كمال الإيمان، لا يحجب عنه سر، ولا يرد له اثر: وكان هو الإنسان الكامل، المحيط الأواخر والأوائل *.

ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: « اتقوا فراسة المؤمن »*.

ولم يقل: « اتقوا فراسة المسلم »، ولا « فراسة المحسن ».

لان الايمان نور الله.

ولهذا قال: «... فإنه ينظر بنور الله به " ۰

آفة هذا المنظر:

هو أن الإيمان متعلق بالغائب، والغائب محجوب عمن غاب عنه.

* الهيولى يعرفها الجرجاني بقوله:

« الهيولى: لفظ يوناني: بمعنى الأصل والمادة.

وفي الاصطلاح هي جوهر في الجسم قابل لما يعرض لذلك الجسم من الاتصال والانفصال محل للصورتين الجسمية والنوعية ».

* انظر التعريفات، مادة هيولى. وانظر دراستنا عن الجيلى، ص ۸۲۹ وما بعدها.

* انظر عنوان کتاب الجيلي ( الإنسان الكامل في معرفة الأواخر والاوائل ).

* أخرجه الترمذي في باب التفسير من جامعه 140 وقال حديث حسن.

وفي ( المقاصد الحسنة ) للسخاوي، أن أسانيده كلها ضعيفة.