موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المناظر الإلهية

تأليف الشيخ عبد الكريم بن إبراهيم الجيلي (667هـ - 828هـ)

 

 


*****المنظر الثاني والستون منظر الاستيلاء

اذا استولت الصفات الالهية، والأسماء الذاتية، سائر العبد، بأن يتحقق جسمه، الذي هو هيكله، بما هو متحقق به في روحه - فقد استعد لهذا المنظر.

وفي هذا المنظر:

من العجائب والغرائب، ما لا يسع شرحه، مما يؤتاه الولی.

فيكون جسمه له حكم، حقيقته: ما لروح غيره من العارفين.

وهذا المشهد هو المسمى بالتجلي الرحمانی، وهو في الإنسان نسخة ما في الوجود، من آیتی: " الرحمان على العرش استوی. له ما في السموات، وما في الأرض، وما بينهما، وم تحت الثرى ".

حينئذ يستولى حكم الحق تعالى على العبد، فلا يبقى لبشريته اثر: ذلك هو الولي، الذي يحيي الموتى، وهو على كل شيء قدير*.

آفة هذا المنظر:

عدم استيفاء ظهور كل ما تحققت به روحه على جسده.

فان اتمام ذلك غير ممكن البتة، فلابد من نقص الجسد عن درجة الروح.

ولابد من نقص درجة الروح عن درجة مطلق الكمالات الالهية، وهذا حجاب، ونقص، فهو آفة هذا المقام.

* هذه الجملة اقتباس من قوله تعالى: ( فالله هو الولي، وهو يحيي الموتى، وهو على كل شيء قدير ) الشورى، آية 9

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي: الاستواء الذي هو الاستقرار إلى الاستواء الذي هو الاستيلاء.

يقول الشيخ ابو حامد الغزالي: والاستيلاء يتم بالقدرة والعلم، وعليه يدل قوله تعالى:" وكان الله على كل شيء مقيتا "، أي مطلعا قادرا. فيكون معناه راجعا إلى القدرة والعلم.

ويقول الشيخ عبد الغني النابلسي: " البسط إعطاء العبد حقيقته العلمية على تمامها، والقبض ظهور الاستيلاء الإلهي على تلك الحقيقة لنقصان ظهورها "

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الحاتمي الطائي عن الاستواء الإلهي و الاستواء الرحماني

وهكذا يتضح أنه في الاستواء الإلهي حصل الإستواء في نقطة الدائرة، بينما في الاستواء الثاني كان الحق محيطا بالدائرة التي هي العرش.

ففي الأول " الاستواء الإلهي ": القلب وسع الحق.

بينما في الثاني " الاستواء الرحماني " الحق وسع العرش وأستوى عليه.

فالحق في الاستواء الإلهي بمثابة العرش في الإستواء الرحماني، والقلب بمثابة الحق.

إذن:

1. الاستواء الإلهي:

هو تجلي الحق على القلب الإنساني، واتساع هذا الأخير له، فالحق يتجلى على قلب العبد، وقلب العبد يدور مع الحق اينما دار، وهذا التقلب الذي هو صفة للقلب مكنه من الإتساع للحق، فلا مخلوق يتسع لتوالي تجليات الحق سوى هذا القلب الإنساني.

2. الاستواء الرحماني:

هو استقرار وإستيلاء الحق على العرش.

وقد خص الشيخ الأكير ابن العربي الاستواء الرحماني بالعرش، لأن العرش هو الموجودات التي يمدها بالوجود ". 


 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!