موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المناظر الإلهية

تأليف الشيخ عبد الكريم بن إبراهيم الجيلي (667هـ - 828هـ)

 

 


*****المنظر الثامن والستون منظر الخلع والمواهب

في هذا المنظر، نعرف مراتب الأولياء فمنهم:

من ولايته من حيث المواهب الالهية، بحكم ما يورده الوقت والمال.

- ومنهم من ولايته من حيث الخلع، بحكم ما تقتضيه الصفات الذاتية.

وهم أخص، واعلى، من اهل المواهب والمنح:

- فإن تجليات الحق على أهل المواهب: سكرة من شراب ممزوج.

- وتجليه على أهل الخلع: صرف.

- فأهل الخلع: أهل عين التسنيم وهو الكافور يمزج منه لأهل المواهب.

- وأهل المواهب: هم الذين يشربون من الممزوج.

حيث قال الله تعالى: "إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا ".

فأهل المواهب والمنح لا توجد عندهم هذه الخلع.

واهل الخلع، توجد عندهم المواهب والمنح.

وخلعه كل ولی کامل: صفة الهية يتلبس بها، ويكون الأغلب على حاله، أثر تلك الصفة: كصفة القدرة، كانت خلعه الشيخ عبد القادر الجيلاني، الغلبة ظهور أثرها عليه.

وكما كانت صفة العظمة والهيبة غالبة على أحوال الشيخ أبي يزيد البسطامي. و كصفة العلم الذي كان غالبا على أحوال سيدي الشيخ محيي الدين بن العربي، رضي الله عنهم أجمعين.

آفة هذا المنظر:

صرف الوقت بجهة من الحقائق، دون الحيطة، والجمع الذاتي.

فان صاحب المنظر الكمالي، لا يغلب على حاله، إلا ما اقتضاه شأن الحق في ذلك الحال.

فلا يظهر عليه صفة، ولا اسم، بل يكون أثر الله تعالی ظاهرا عليه، في كل وقت، بم يقتضيه الوقت.

وهؤلاء هم أهل المراتب، ولذلك كانت صفة الكمال ظاهرة على سيدنا محمد ,بما نهى وأمر، وأخبر، واخترق العادات، وهدلای، وقطع، ووصل.

ولم يختص بظهور شيء دون شيء، بل ظهرت عليه اثار سائر الكمالات.

فبذلك استحق التقدم على سائر الانبياء والأولياء وليس على هذا القدم الكمالي المحمدی، إلا آحاد الآحاد، من الأقطاب والأفراد.

أولئك أهل لواء الحمد، يحشرون مع النبي، صلى الله عليه وسلم، تحت ذلك اللواء، هم ومن كان على هذا القدم، من الأنبياء والأولياء.

ولا يعرف ذوق ما قلناه إلا الغرباء

* سنام البعير. أعلى ظهره. وسنام كل شيء: أعلاه.

وسنم الشيء تسنيما: رفعه وأعلاه.

وتسنيم: عين في الجنة، وكانها سميت بذلك لعلو مكانها.

وفي القرآن الكريم: " ومزاجه من تسنيم. عينا يشرب بها المقربون "

المطففين، آية 27 - 28.

انظر: معجم ألفاظ القرآن الكريم. ج1 ص 602. مادة سنم.

* الكافور: مادة عطرية الرائحة، مرة الطعم، شفافة، بلورية الشكل، يميل لونها الى البياض، تتخذ من شجر كبير ينبت في الهند والصين.

وقيل إن المراد في: كافورا: ( أن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا ) الانسان، آية 5

- هو طيب له رائحة عطرية کرائحة كافور الدنيا.

وقيل أن المراد به عين في الجنة ماؤها بتبه كافور الدنيا في لونه ورائحته وبرده، وليس في طعمه مرارة كافور الدنيا، ولكنه اذا مزج بغيره جعل طعمه لذيذا، والله اعلم. انظر: معجم ألفاظ القرآن الكريم، ج 2 ص 326، مادة الكافور.

* الشيخ عبد القادر الجيلاني: هو ابن موسی بن عبد الله بن يحيى الزاهد بن محمد بن داود الجون. صوفي ومؤسس الطريقة القادرية. ولد عام 470 هـ، وتوفي 561 ھ، ودفن ببغداد.

انظر ترجمته في طبقات الشعراني ،ج 1 ص 108 ۰

* أبو يزيد البسطامي: هو طيفور بن عيسى بن سروشان. صوفي مشهور من أصحاب الشطح والجذب ۰ توفی 261 هـ.

انظر ترجمته في طبقات السلمی، ص 67، وانظر المصادر التي ذكرها المحقق.

* ابن العربي: من أكبر صوفية الإسلام، وأغزرهم تأليفا. وهو أشهر من أن يعرف به. توفي سنة 683 هـ. انظر: طبقات الشعراني، ج1 ص 163.


 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!