موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المناظر الإلهية

تأليف الشيخ عبد الكريم بن إبراهيم الجيلي (667هـ - 828هـ)

 

 


*****المنظر السادس والسبعون منظر الصورة

التجليات الحق تعالى صوره، تظهر منها عليهم، أعني على عباده..

وهي غير مكيفة، ولا محدودة، ولا مشبهة - بل على ما يقتضيه كماله.

وهذه الصورة التي للتجليات، ليست صور المعتقدات، بل هي صور(ة) التجليات، كما ورد في قوله: " رأيت ربي في صورة كذا وكذا.. الحديث ".

وله تجل في صورة المعتقدات، وهي أيضا ليس جميعها على حال واحد - بل تتنوع على قدر معتقدات العباد. فصورة تجليه عليهم، على نفس المعتقدات والعقائد. فالعقيدة مظهر، والمعتقد به ظاهر في المظهر.

فإذا تحول في صورة معتقده، بنكره من كان معتقده في الله ضد تلك الصورة.

مثاله:

الحنبلي يعتقد التجسيم.

والأشعري يعتقد التنزيه.

فإذا ظهر على الأشعري، من حيث معتقد الحنبلي، بان برزت أنوار كماله في صورة تجسيم - عرفه بها الحنبلي، وأنكره الاشعری.

وكذلك لو ظهرت انوار كبريائه في مطلق التنزيه، على ما يقتضيه التجلی الأقدس - عرفه بها الأشعري، وأنكره الحنبلي.

والمعتقدات بعضها أعلى من بعض، حتى أن بعض من بعتقد له جميع الصور، لو برز له على بخلاف المعتقد الذي له - أنكره.

وقال: لابد له من حيطة جميع صور المعتقدات ونسبتها إليه.

والله تعالى كذلك، ومن وراء خلك، وبخلاف ذلك.

ولا يبعد عليك معنی تنوع تجلياته، في صورة المعتقدات.

الا تراهم اليوم في الدنيا: كيف ينكر بعضهم معتقد بعض، ولا يعرف الله تعالى إلا من حيث معتقد نفسه.

كذلك في الدار الآخرة، تظهر هذه المعاني صورا.

فهذه صور تجليات المعتقدات، وهي خلاف صور التجليات الالهية، التي هي له، ولو لم يكن ثم خلاف، لكنها ليست من هذا القبيل.

فأولياء صور التجليات الإلهية، أعلى من أولياء تجليات صور المعتقدات، ولو كانت ايض الهية.

فان التفاوت عظيم: فاهل صور التجليات الالهية، تبرز لهم اولا: الكمالات الالهية، في هيئة تقتضي صورة من صور التجليات، غير مشبهة، ولا محدودة.

فيتبعون ذلك المقتضى، إلى أن تتجلى تلك الصورة الكمالية لهم، على حسب ما علموه، من مقتضى الكمالات الالهية.

فهم سائرون في عالم الجبروت، بحكم ما تقتضيه الصفات الالهية.

فعقيدة هذه الطبقة، أعلى من طبقة أهل المعتقدات، وانزل من الأفراد، فهي الطبقة الوسطى.

آفة هذا المنظر:

هو احتجابهم بالصور عن المعاني التي لا تدخل تحت حکم التصوير، وكل معنى يدخل في صورة فهي داخلة في حكم التصوير.

وكلا الطائفتين محجوبون بالصور عن المعاني الالهية.

وهذا نقص والحق من وراء ذلك.

ذكر الجيلى هذا الحديث في مواضع عدة في كتابه ( الإنسان الكامل )، انظر ج 2 ص 4 « رای ربه في صورة شاب امرد على سرير من كذا وكذا.. الحديث » وقد أشار اليه كذلك في المنظر الرابع عشر ( التمكين ).

والحقيقة أنه لا وجود له في كتب الحديث المصدرية، وقد ناقش الامام البيهقي في ( الأسماء والصفات ) استحالة أن يكون للبارئ صورة، وإلا كان مخلوقا.

انظر: المصدر السابق، باب ما ذكر في الصورة، ص ۲۸۹. فالحديث إذن ليس له وجود إلا في دوائر صوفية مدرسة ابن عربی.


 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!