موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المناظر الإلهية

تأليف الشيخ عبد الكريم بن إبراهيم الجيلي (667هـ - 828هـ)

 

 


*****المنظر الخامس والسبعون منظر الكلام

كلام الله تعالى لعباده، منزه عن: الحرف والصوت والجهة.

ومستمعوه إنما يستمعونه بالكلية، بالله، فافهم !

وأما كلمات الحق تعالى، فهى مخلوقاته في العالم العينى بالنون، فكما أن المعنى الموجود في النفس من الكلمة، لا يسمى كلمة، كذلك الأعيان الثابتة، في العلم الإلهي، لا تسمي كلمات، فلهذا سميت حروفا.

ولهذا قال سيدي الشيخ محيي الدين بن العربی شعرا:

كنا حروفا عاليات لم نقل …. متعلقات في ذرى اعلى القلل

انا انت فيه ونحن انت وانت هو ….. والكل في هو هو فصل عمن وصل

وكما أن المتكلم بالكلمة، لابد أن تكون عين تلك الكلمة - قبل ذلك –

موجودة في علمه، كذلك.

الحق تعالى يعلم المخلوقات قبل إيجادها.

تخصيص الكلمة بالظهور على نسق معین - كذلك الحق، سبحانه وتعالى، لابد للموجود من ارادة ايجاد الحق له.

وكما أن الكلمة لابد لها من نفس خارج بها من المصدر الى محل تكوين الحروف - كذلك صفة القدرة، لابد من تعلقها بالمخلوق ليوجد في العالم.

وكما أن الكلمة، لابد من التلفظ بها بالفهوانية - كذلك كلمة الحضرة، لابد من توجيهها إلى ما يريد الله تعالى إيجاده.

وذلك لقوله تعالى: " إنما أمرنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون ".

فلابد للمخلوق: من تعلق الإرادة، والقدرة، وكلمة الحضرة - بإيجاد، فحينئذ يوجد.

وقد بسطنا القول في التجليات الكلامية، في كتابنا الموسوم ب " الانسان الكامل"، وتحدثنا عليها بعبارة أخرى، من غير تلك الجهة، في الكتاب الموسوم ب " قطب العجائب، وفلك الغرائب ".

ومن تجلى الله عليه في هذا المنظر: علم حقيقة قول

القائل: الكلام صفة المتكلم، وشاهد كشفا وعيانا: صورة الموجود بما هي عليه. وحقق وجودا ويقينا.

أن روحها القائم بها هو الله تعالى.

صاحب هذا المنظر:

يكون عنده علوم تنوعات التجلي، والتحول في الصدر. فلا ينكره اذا تحول في صورة التنكر يوم القيامة، كما ينكره من لا يعرفه، بهذه المعرفة، عند تحوله في غير صورة المعتقد.

آفة هذا المنظر:

احتجابه بمعارفه عن ذاته، وشغله بتجلياته عن الاتصاف بصفاته.

(1) 1: الحلق. د: الحروف. (2) د: المعنى.

(3) يعرف الكاشاني ( الحروف العاليات ) فيقول:

« الحروف العاليات: يعنون به أعيان الكائنات من حيث تعينها في أعلى مراتب التعيينات، الذي هو الوحدة.

فان الكائنات هنالك إنما هي شؤون الذات التي لا يصح فيها تكثر في ذاتها، ولا تكثير لغيرها، لاستحالة ذلك في الوحدة الحقيقية، مع اشتمالها على جميع ما يظهر عنها، فتسمى نسب تعيينات المبدعات في هذه المرتبة العلية: بالحروف العلوية، وبالحروف العاليات.

وهذا هو معنى قول الشيخ في كتابه المسمى ب ( المنازل الانسانية ):

انا انت فيه ونحن انت وانت هو …. والكل في هو هو فصل عمن وصل

وذلك لاستحالة الكثرة في أول الرتب لمنافاة الوحدة لها. ».

أنظر: ( لطائف الأعلام ).

وانظر نفس المادة في ( اصطلاحات الصوفية )، مع التعليقات الجيدة للمحقق.

المقصود بالفهوانية، هو: « خطاب الحق بطريق المكافحة في عالم المثال »

انظر: لطائف، واصطلاحات، والكمشخانوی.


 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!