موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المناظر الإلهية

تأليف الشيخ عبد الكريم بن إبراهيم الجيلي (667هـ - 828هـ)

 

 


*****المنظر الثمانون منظر المعية

يتجلى الحق تعالى على العبد، في هذا المنظر، فلا يفارق الحق، أعني: لا يفارق حضرة شهود التجليات الالهية، والا فما ثمة فراق، ولا وصال.

فهو مع الله أينما كان العبد.

واما قوله: " وهو معكم أينما كنتم " - فإن هذه المعية، المذكورة في الآية، بخلاف ذلك.

لأن هذه المعية منسوبة الى الله تعالى، وليس للعبد فيها شيء.

فهى ولو كانت أعلى في مرتبة الوجود، لنسبتها إلى الله تعالى، فإن من كان مع الله، كان أشرف من مطلق كل من كان الله معه.

لأن الله تعالى واسع عليم، فهو مع الغافل، ومع الحاضر.

وأما العبد فلا يكون مع الله الا على الحضور.

فمعية العبد مع الله هنا، أعلى من مطلق معية الله مع العبد..

لأن الأول لا يخلو من الثاني، والثاني قد يخلو من الأول.

أعني: معية الحق قد تخلو من معية العبد، ومعية العبد لا تخلو من معية الحق. وثم وجه ثان، يكون من كان الله معه، أفضل ممن كان مع الله.

لأن من كان مع الله، حاصله: أنه حاضر معه سبحانه، في تجلياته، غير غافل عنها.

ومن كان الله معه، حاصله: أن الله قد صار مع العبد لاتصافه بصفاته كلها، فهو معه ل يفارق اتصافه.

ومن ثم قيل: " يدور الحق مع عمر حيث ما دار ".

ولسنا نعني هذه المعية، بل نعنى المعية المطلقة، المذكورة في الآية، بقوله: " وهو معكم أينما كنتم".

آفة هذا المنظر:

وجود الاثنينية في المعية، أو حصول الاتحاد.

والله تعالى منزه عن الشرك والاتحاد، تعالى الواحد سبحانه وتعالى.

ورد في سنن أبي داود: « جعل الله الحق على لسان عمر وقلبه » امارة ۱۸، وكذلك سنن الترمذي: مناقب 17: 19


 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!