موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مراتب الوجود

تأليف الشيخ عبد الكريم بن إبراهيم الجيلي (667هـ - 828هـ)

 

 


المرتبة الثامنة والثلاثون: النبات

هي النبات وهو الجسم النامي ، وهو أنزل من المعدن بمرتبة وهو النمو ، لأن المعدن هو الجسم المركب من الجواهر البسيطة ، ولهذا ذهب جمهور الحكماء إلى أن في النبات روحاً ، ومن ثم امتنعت طائفة البراهمة عن قطع الأشجار حتى أن الواحد لو احتاج إلى شوكة لم يقتلعها لأن مذهبهم يقتضي أن لا يؤذوا الحيوانات ولا يأكلوها ، فهم لا يأكلون حيواناً ولا يقتلونه ولو أذاهم ، ولا يأكلون ما يؤول إلى الحيوان كالبيض ، ثم امتنعوا من قطع الأشجار لما فيها من النمو زعماً أن لها روحاً وأن النمو إنما هو بواسطة الروح . وقد رأيت في بلادهم شجرة إذ قربت إليها لتمسكها تنقبض أوراقها أو تنكمش كأتها ذات روح . على أنه عند المحققين ما في الوجود شيء من المحسوسات إلا وهو ذو روح سواء كان معدناً أو نباتاً أو حيواناً أو غير ذلك لأن الله تعالى يقول : { وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ } ولا يصح التسبيح إلا لمن له روح ، فكل شيء له هذه الروح التي هي مشهودة للمكاشف ومخاطبة له ، وتسبيحها على أنواع بانت عجيبة من وجوه كثيرة ، فسبحان من يسبحه كل شيء بكل لسان ، واعلم أن النباتات برزخ بين المعدنية والحيوانية ، لأن المعدن جامد على حال واحد ، والحيوان متحرك بالإرادة ، والنباتات برزخ بينهما لأنه يتحرك بالاختيار فهو جماد بنظر وغير جماد بنظر ، فافهم .


 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!