The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi
The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi

الذخائر والأعلاق في شرح ترجمان الأشواق

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

تحقيق الدكتور محمد حاج يوسف

 

 


حديثه عن نظام

وكان لهذا الشيخ، رضي الله عنه، بنت عذراء، طَفلةهيفاء، تقيِّد النواظِر، وتزيِّن المَحاضِر، وتسرُّ المُحاضر، وتحيّر الناظر؛ تُسمى بالنظام، وتُلقَّب بعين الشمس والبهاء. من العابدات العالمات السائحات الزاهدات، شيخة الحرمين، وتربية البلد الأمين، الأعظم بلا مَين. ساحرة الطرف، عراقية الظّرف، إن أسهبت أتعبت، وإن أوجزت أعجزت، وإن أفصحت أوضحت. إن نطقت خرس قسّ بن ساعدة،وإن كرمت خنس معن بن زائدة،وإن وفّت قصّر السموأل خطاه،واغرورى بظهر الغَرَر وامتطاه (أي هرب مسرعاً).

ولولا النفوس الضعيفة السريعة الأمراض، السيئة الأغراض، لأخذْتُ في شرح م أودع الله تعالى في خَلقها من الحُسن، وفي خُلقها الذي هو روضة المزن؛شمسٌ بين العلماء، بستانٌ بين الأدباء، حُقَّة مختومة، واسطة عقد منظومة، يتيمة دهرها، كريمة عصرها، سابغة الكرم، عالية الهِمم، سيِّدة والدِيها،شريفة نادِيها، مسكنها أجياد، وبيتها من العين السواد، ومن الصدر الفؤاد، أشرقت بها تِهامة،وفتح الروض لمجاورتها أكمامه، فنمت أعراف أزهار المعارف، بما تحمله من الرقائق واللطائف. عِلمُها عَملها، عليها مَسحة ملَك وهمَّة ملِك.

فراعينا في صحبتها كريم ذاتها، مع ما انضاف إلى ذلك من صحبة العمَّة والوالد، فقلَّدْناها من نظمنا في هذا الكتاب أحسن القلائد، بلسان النّسيبِ الرّائق (وهو الغزل الرقيق)، وعبارات الغزل اللائق، ولم أبلُغ في ذلك بعض ما تجده النفس، ويثيره الأنس، من كريم وُدّها، وقديم عهدها، ولطافة معناها، وطهارة مغناها؛ إذ هي السؤل والمأمول، والعذراء البتول، ولكن نظمْنا فيها بعض خاطر الاشتياق، من تلك الذخائر والأعلاق؛ فأعربْتُ عن نفس توّاقة، ونبَّهْتُ على ما عندنا من العلاقة، اهتماما بالأمر القديم، وإيثاراً بالمجلس الكريم.

فكلُّ اسم أذكره في هذا الجزء فعنها أكنّي، وكلُّ دارٍ أندبها فدارَه أعني، ولم أزل فيما نظمته في هذا الجزء على الإيماء إلى الواردات الإلهية، والتنزّلات الروحانية، والمناسبات العلوية، جرياً على طريقتنا المثلى، فإنَّ الآخرة خيرٌ لنا من الأولى، ولعلمها - رضي الله تعالى عنها - بما إليه أشير، ولا ينبئْكَ مثلُ خبير؛ والله يعصم قارئ هذا الجزء وسائر الديوانمن سبق خاطره إلى ما لا يليق بالنفوس الأبيّة، والهِمم العليَّة، المتعلقة بالأمور السماوية، آمين، بعزة من لا ربَّ غيره، ﴿وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهو يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب: 4].


 

 

البحث في نص الكتاب



Please note that some contents are translated Semi-Automatically!