موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

الذخائر والأعلاق في شرح ترجمان الأشواق

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

تحقيق الدكتور محمد حاج يوسف

 

 


قدومه مكة ولقاؤه بالشيخ زاهر بن رستم الأصفهاني

أما بعد، فإني لَمَّا نزلت مكة سنة خمسمائة وثمان وتسعين ألفيت بها جماعة من الفضلاء، وعصابة من الأكابر الأدباءوالصلحاء بين رجال خضارمةونساء، ولم أر فيهم - مع فضلهم - مشغولا بنفسه، مشغوفا بالنظر فيما بين يومه وأمسه، مثل الشيخ العالم الإمام، بمقام إبراهيم عليه الصلاة والسلام، نزيل مكة، البلد الأمين: مكين الدين، أبي شجاع زاهر بن رستم بن أبي الرجاء الأصفهاني (توفي سنة 609 ه، ومرت ترجمته أعلاه)، رحمه الله تعالى، وأخته المسنة العالمة، شيخة الحجاز، فخر النساء، بنت رستم. فأما الشيخ فسمعنا عليه كتاب أبي عيسى الترمذيفي الحديث وكثيرا من الأجزاء، في جماعة من الفضلاء، كان يغلب عليهم الأدب؛ فكأن جليسه في بستان، وكان رحمه الله تعالى ظريف المحاورة، برَّ المجاورة، لطيف المؤانسة، ظريف المجالسة، يمتع الجليس، ويؤانس الأنيس. وكان له، رضي الله عنه، من أمره شأن يغنيه، فلا يتكلم إلا فيما يعنيه.

وأما فخر النساء أخته، بل فخر الرجال والعلماء، فبعثت إليها، لأسمع عليها، وذلك لعلوّ روايتها، فقالت: «فني الأمل، واقترب الأجل، وشغلني عما تطلبه مني من الرواية الحثّ على العمل، فكأني بالموت قد هجم، فأقرع سنّ الندم.» فعندما بلغني كلامها كتبت إليها أقول شعراً:

1

حالي وحالك في الرواية واحد

***

ما القصد إلا العلم واستعماله

فأذنت لأخيها أن يكتب لنا نيابة عنها إجازة عنها في جميع روايتها، فكتب رضي الله عنه وعنها ذلك ودفعه لنا، وكتب لنا بجميع مسموعاته عليه إجازة عامة. وكتبتُ إليه من قصيدة عملتها فيه أقول شعراً:

1

سمعت الترمذي على المكين

***

إمام الناس في البلد الأمين


 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!