The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi
The Greatest Master Muhyiddin Ibn al-Arabi

الذخائر والأعلاق في شرح ترجمان الأشواق

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

تحقيق الدكتور محمد حاج يوسف

 

 


قصة لقائه بنظام

فمن ذلك حكاية جرت لي في الطواف: كنت أطوف ذات ليلة بالبيت، فطاب وقتي، وهزَّني حال كنت أعرفه، فخرجت من البلاط، من أجل الناس، وطفت على الرمل، فحضرتني أبيات فأنشدتها (بحيث) أُسمع بها نفسي ومن يليني- لو كان هناك أحد - وهي قوله:

1

لَيْتَ شِعْرِي هَلْ دَرَوْا

***

أَيَّ قَلْبٍ مَلَكُوا

2

وَفُؤَادِي لَوْ دَرَى

***

أَيَّ شِعْبٍ سَلَكُوا

3

أَتُرَاهُمْ سَلِمُوا

***

أَمْ تُرَاهُمْ هَلَكُوا

4

حَارَ أَرْبَابُ الْهَوَى

***

فِي الْهَوَى وَارْتَبَكُوا

فلم أشعر إلا بضربة بين كتفيَّ بكفٍّ ألْيَنَ من الخزّ، فالْتفتُّ فإذ بجارية من بنات الروم لم أر أحسن وجها، ولا أعذب منطقا، ولا أرقّ حاشية، ولا ألطف معنى، ولا أدقّ إشارة، ولا أظرف محاورة منها؛ قد فاقت أهل زمانها ظرفاً وأدباً وجمالاً ومعرفة.

فقالت: يا سيِّدي كيف قلت؟

فقلت:

1

لَيْتَ شِعْرِي هَلْ دَرَوْا

***

أَيَّ قَلْبٍ مَلَكُوا

فقالت: عجبا منك وأنت عارف زمانك تقول مثل هذا! أليس كلُّ مملوكٍ معروف؟ وهل يصح المُلك إلا بعد المعرفة؟ وتمني الشعور يُؤذن بعدمِها، والطريق لسان صدق، فكيف يجوز لمثلك أن يقول مثل هذا؟ قل يا سيدي: فماذا قلت بعده؟

فقلت:

2

وَفُؤَادِي لَوْ دَرَى

***

أَيَّ شِعْبٍ سَلَكُوا

فقالت: يا سيِّدي؛ الشِّعب الذي بين الشغاف والفؤاد هو المانع له من المعرفة، فكيف يتمنَّى مثلُك ما لا يمكن الوصول إليه إلا بعد المعرفة، والطريق لسان صدق، فكيف يجوز لمثلكأن يقول مثل هذا، يا سيدي! فماذا قلتَ بعده؟

فقلت:

3

أَتُرَاهُمْ سَلِمُوا

***

أَمْ تُرَاهُمْ هَلَكُوا

فقالت: أمَّا هم فسلموا، ولكن اسأل عنك! فينبغي أن تسأل نفسك: هل سلِمتَ أم هلَكتَ، يا سيِّدي؟ فما قلت بعده؟

فقلت:

4

حَارَ أَرْبَابُ الْهَوَى

***

فِي الْهَوَى وَارْتَبَكُوا

فصاحت وقالت: يا عجبا كيف يبقى للمشغوف فضلة يحار بها، والهوى شأنه التعميم؛ يخدِّر الحواس، ويُذهب العقول، ويُدهش الخواطر، ويَذهب بصاحبه في الذاهبين، فأين الحيرة، ومن هنا باقٍ حتى يحار، والطريق لسان صدق، والتجوُّز من مثلك غير لائق!

فقلت: يا بنت الخالة ما اسمك؟

قالت: قرة العين.

فقلت: لي.

ثم سلَّمت وانصرفت، ثم إني عرفتها بعد ذلك وعاشرتها فرأيت عندها من لطائف المعارف، ما لا يصفه واصف.



 

 

البحث في نص الكتاب



Bazı içeriklerin Yarı Otomatik olarak çevrildiğini lütfen unutmayın!