موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

الذخائر والأعلاق في شرح ترجمان الأشواق

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

تحقيق الدكتور محمد حاج يوسف

 

 


1- شرح الأبيات الأربع (وهي القصيدة الأولى) من مجزوء الخفيف

شرح البيت الأول:

1

لَيْتَ شِعْرِي هَلْ دَرَوْا

***

أَيَّ قَلْبٍ مَلَكُوا

  يقول: ليتني شعرت "هل دروا"، (و)الضمير يعود على المناظر العلى - عند المقام الأعلى، حيث المورد الأحلى - التي تتعشَّق بها القلوب، وتهيم فيها الأرواح، ويعمل لها العمَّال الإلهيون. (فليتني شعرت هل تلك المناظر العلى قد دروا) "أيَّ قلب ملكوا": يشير إلى القلب الكامل المحمدي، لنزاهته عن التقييد بالمقامات، ومع هذا فقد ملكته هذه المناظر العُلى، وكيف لا تملكه وهي مطلوبه، ويستحيل عليها العلم بذلك لأنها راجعة إلى ذاته، إذ لا يشهد منها إلا ما هو عليه، ففيه يتنَزَّه، وإيُّاه يحبُّ ويعشق.

شرح البيت الثاني:

2

وَفُؤَادِي لَوْ دَرَى

***

أَيَّ شِعْبٍ سَلَكُوا

أراد بالشِّعب الطريق إلى القلب، لأن الشعاب الطرق في الجبال؛ فكأنه لم غابت عني هذه المناظر العلى ترى أي طريق (سلكته) لبعض قلوب العارفين الذين سلكو هذه الطرق.

واختص ذكر الشِّعب لاختصاصه بالجبل، وهو الوتد الثابت، يريد المقام؛ فإنه الثابت، إذ الأحواللا ثبات لها، وإذا نُسب إليها الثبات والدوام فلتواليها على القلوب لا غير.

شرح البيت الثالث:

3

أَتُرَاهُمْ سَلِمُوا

***

أَمْ تُرَاهُمْ هَلَكُوا

المناظر العلى - من حيث هي مناظر - لا وجود لها إلا بوجود الناظر، كالمقامات؛ لا وجود لها إلا بوجود المقيم، فإذا لم يكن ثَمَّ مقام لم يكن ثَمَّ مُقيم، وإذا لم يكن ناظر فما ثَمَّ منظور إليه، من حيث ما هو منظور إليه. فهلاكهم إنما هو من حيث عدم الناظر؛ فهذا المراد بقوله: سلموا أم هلكوا.

شرح البيت الرابع:

4

حَارَ أَرْبَابُ الْهَوَى

***

فِي الْهَوَى وَارْتَبَكُوا

لَمَّا كان الهوى يُطالِب بالشيء ونقيضه، حار صاحبه وارتبك، فإنه من بعض مطالبه موافقة المحبوب، فيما يريده المحبوب، وطلبُه الاتصالُ بالمحبوب؛ فإن أراد المحبوبالهجر، فقد ابتلي المحبُّ صاحب الهوى بالنقيضين أن يكونا محبوبين له، فهذه هي الحيرة التي لَزِمت الهوى، واتَّصف بها كلُّ من اتَّصف بالهوى.

والهوى عندنا عبارة عن سقوط الحبِّ في القلب، في أوَّل نشأته في قلب المحب، لا غير. فإذا لم يشاركه أمرٌ آخر وخَلُص له وصَفَا؛ سُميَّ حبًّا. فإذ ثَبَتَ سمي ودًّا. فإذا عانَق القلبَ والأحشاءَ والخواطر، ولم يبق فيه شيء إل تعلَّق القلب به، سُمِّي عشقًا، من العَشَقة، وهي (شجرة) اللبلابة المشوكة.



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!