موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

الذخائر والأعلاق في شرح ترجمان الأشواق

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

تحقيق الدكتور محمد حاج يوسف

 

 


53- القصيدة الثالثة والخمسين وهي ثلاثة أبيات من البحر الطويل

وقال رضي الله عنه:

1

إِذَا مَا الْتَقَيْنَا لِلْوَدَاعِ حَسِبْتَنَ

***

لَدَى الضَّمِّ وَالتَّعْنِيقِ حَرْفاً مُشَدَّدَا

2

فَنَحْنُ، وَإِنْ كُنَّا مُثَنًّى شُخُوصُنَا،

***

فَمَا تَنْظُرُ الْأَبْصَارُ إِلَّا مُوَحَّدَا

3

وَمَا ذَاكَ إِلَّا مِنْ نُحُولِي وَنُورِهِ،

***

فَلَوْلَا أَنِينِيَ مَا رَأَتْ لِيَ مَشْهَدَا

شرح الأبيات الثلاثة:

الحرف المشدد حرفان مبطون أحدهما في الآخر، يقول: النفْسُ عند المفارقة للجسم تحنُّ بهذه الحالة، فنَحْنُ - وإن كنا اثنان في المعنى - فما تقع العين إل على شخص واحد، وسببُ تعشُّقِها به كونُها ما نالت الذي نالت من المعارف إلا بحبسه فيه، واستعمالها له فيما أُمرت به من الخدمة الموضوعة الإلهية. والإشارة هنا أيض إلى قوله (أي الحلاج:) "أنا من أهوى ومن أهوى أنا"، والوداع المذكور مع هذه الإشارة هو أن يتميَّزَ ما ينبغي له عن ما لا ينبغي لمحبوبه، فيأخذ هذا صفاته وهذا صفاته.

وقوله: "وما ذاك إلا من نحولي"، يريد أنه من عالم اللطف، "ونوره": يعني لقوَّته ذهبَ ببصره عن إدراكه، ولطافتي. وقوله: "فلولا أنيني"، يريد ما أراد المتنبي (توفي سنة 354 ه) بقوله: "(كَفَى بجِسْمي نُحُولاً أَنَّنِي رَجلٌ) لَوْلا مُخاطَبَتي إيَّاكَ لَمْ تَرِنِي". وقال (الشاعر) الآخر (وهو: أبو الفرج محمد بن أحمد الغساني المعروف بالوأواء الدمشقي، توفي سنة 385 ه): "فَاطْلُبوا الجِسْمَ حَيْثُ كَانَ الأَنِينُ".



 

 

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!