موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الشيخ صدر الدين القونوي

كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن

للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي

(كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ)

 

 


ثم نقول : المسمّيات موجودات هي ـ كما ذكر لك ـ تعيّنات شؤونه سبحانه وهو ذو الشؤون، فحقائق الأسماء، والأعيان عين شؤونه التي لم تتميّز عنه إلّا بمجرّد تعيّنها منه، من حيث هو غير متعيّن. والوجود المنسوب إليها عبارة عن تلبّس شؤونه بوجوده، وتعدّدها واختلافها عبارة عن خصوصياته المستجنّة في غيب هويّته، ولا موجب لتلك الخصوصيّات ؛ لأنّها غير مجعولة، ولا يظهر تعدّدها إلّا بتنوّعات ظهوره، لأنّ تنوّعات ظهور ذاته في كلّ منها هو المظهر لأعيانها ؛ ليعرف البعض منها من حيث تميّزه البعض ومن أيّ وجه يتّحد فلا يغايره، ومن أيّه يتميّز فيسمّى غيرا وسوى، وإن شئت فقل : كان ذلك ليشهد هو خصوصيّات ذاته في كلّ شأن من شؤونه.

ومثال هذا التقلّب في الشؤون ـ ولله المثل الأعلى ـ : تقلّب الواحد في مراتب الأعداد ؛ لإظهار أعيانها، ولإظهار عينه من حيثها، فأوجد الواحد العدد، وفصّل العدد الواحد، بمعنى أنّ ظهوره في كلّ مرتبة ـ ممّا نسمّيه في حقّ الحقّ شأنا كما أخبر عن نفسه سبحانه ـ يخالف ظهوره في المرتبة الأخرى، ويتبع كلّ ظهور من حيثيّة كلّ شأن من الأسماء والأوصاف والأحوال والأحكام بمقدار سعة دائرة ذلك الشأن وتقدّمه على غيره من الشؤون.

وكلّ ما يرى ويدرك ـ بأيّ نوع كان من أنواع الإدراك ـ فهو حقّ ظاهر بحسب شأن من

شؤونه القاضية بتنوّعه وتعدّده ظاهرا، من حيث المدارك التي هي أحكام تلك الشؤون مع كمال أحديّته في نفسه، أعني الأحديّة التي هي منبع لكلّ وحدة وكثرة، بساطة وتركيب، وظهور وبطون، فافهم.

وانظر إلى أحديّة الصورة الجسميّة التي يدركها بصرك، وكون الفواصل المتعدّدة لمطلق الصورة الجسميّة أمورا غيبيّة غير مدركة، كالمعنى الفاصل بين الظلّ والشمس، والسواد والبياض، واللطيف والكثيف، والصلب والرخو، وكلّ برزخ بين أمرين مميّز بينهما يرى حكمه ظاهرا، وهو غيب لا يظهر.

ألا وإن الفواصل البرزخيّة هي الشؤون الإلهيّة، وهي على قسمين : تابعة، ومتبوعة. والمتبوعة على قسمين : متبوعة تامّة الحيطة، وغير تامّة.

فالتابعة أعيان العالم. والمتبوعة ـ التي ليست تامّة الإحاطة ـ هي أجناس العالم وأصوله وأركانه، وإن شئت فسمّها الأسماء التالية التفصيلية وأنت صادق. والمتبوعة التامّة الحيطة والحكم أسماء الحقّ وصفاته، وفي التحقيق الأوضح فالجميع شؤونه وأسماء شؤونه وأسماؤه من حيث هو ذو شأن أو ذو شؤون كما مرّ، فلا تغلط واذكر.

فتسميته واحدا هي باعتبار معقوليّة تعيّنه الأوّل بالحال الوجودي بالنسبة إليه إذ ذاك، لا بالنسبة إليه من حيث تعيّن ظهوره في شأن من شؤونه وبحسبه.

وتسميته ذاتا هي باعتبار ظهوره في حالة من الأحوال التي تستلزم تبعيّة الأحوال الباقية لها، وأحواله وإن كان ـ كما قلنا ـ بعضها تابعا وبعضها متبوعا، وحاكما ومحكوما، فإنّ كلّا منها من وجه له الكلّ، بل هو عينه.

[وتسميته «الله» هي باعتبار تعيّنه في شأنه الحاكم فيه على شؤونه] القابلة به منه أحكامه وآثاره.

وتسميته «الرحمن» عبارة عن انبساط وجوده المطلق على شؤونه الظاهرة بظهوره ؛ فإنّ الرحمة نفس الوجود. والرحمن الحقّ من كونه وجودا منبسطا على كلّ ما ظهر به ومن حيث كونه أيضا باعتبار وجوده له كمال القبول لكلّ حكم في كلّ وقت بحسب كلّ مرتبة وحاكم على كلّ حال.

وتسميته رحيما هي من كونه مخصّصا ومخصّصا ؛ لأنّه خصّص بالرحمة العامّة كلّ موجود، فعمّ تخصيصه وظهوره سبحانه.

ومن حيث الحالة المستلزمة الاستشراف على الأحكام المتّصلة من بعضها بالبعض تبعيّة ومتبوعيّة، وتأثيرا وتأثّرا كما قلنا، واجتماعا وافتراقا، بتناسب وتباين، واتّحاد واشتراك سمّي علما. وهو من تلك الحيثيّة وباعتبار كونه مدركا نفسه وما انطوت عليه في كلّ حال وبحسبه سمّى نفسه عالما.

والسريان الذاتي الشرطي من حيث التنزّه عن الغيبة والحجبة، ودوام الإدراك المتعدّي حكمه إلى سائر الشؤون يسمّى حياة، وهو الحيّ بهذا الاعتبار.

والميل المتصل من بعض الشؤون بسرّ الارتباط بشئون أخر بموجب حكم المناسبة الثابتة في البين المرجّحة تغليب حكم بعض الشؤون على البعض، وإظهار التخصيص الثابت في الحالة المسمّاة علما لتقدّم ظهور بعض الشؤون على البعض يسمّى إرادة، وهو من حيثها يكون مريدا.

والحالة التي من حيثها يظهر أثره في أحواله بترتيب يقتضيه التخصيص المذكور والنسب المتفرّعة عن كلّ حال منها تسمّى قدرة، وهو من حيثها قادر.

و انتظم أمر الوجود وارتبط، وزهق الباطل وسقط.

وها أنا قد فتحت لك بابا لا يلجه ولا يطرقه إلّا النّدر من أهل العناية الكبرى، فإن كنت ممّن يستحقّ مثل هذا، فلج وافتح بهذا المجمل مفصّله، وكن بكلّيّتك لله «فمن كان لله كان الله له»


nbkuhZJSGVI

 

 

البحث في نص الكتاب

كتب صدر الدين القونوي:

كتب صدر الدين القونوي:

كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن

مفتاح غيب الجمع ونفصيله

كتاب الفكوك في أسرار مستندات حكم الفصوص

الأسماء الحسنى

رسالة النصوص

مشرع الخصوص إلى معاني النصوص للشيخ علاء الدين علي بن أحمد المهائمي

النفحات الإلهية

مرآة العارفين ومظهر الكاملين في ملتمس زين العابدين

المكتوبات

الوصية

إجازة الشيخ محي الدين له

التوجه الأتم إلى الحق تعالى

المراسلات بين صدرالدين القونوي وناصرالدين الطوسي

الرسالة المهدوية

الرسالة الهادية

الرسالة المفصحة

نفثة المصدور

رشح بال

الرسالة المرشدية

شرح الشجرة النعمانية {وهي تنسب خطأً إليه}



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!