موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الشيخ صدر الدين القونوي

كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن

للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي

رشح بال بشرح حال

 

 


اعلموا معاشر الإخوان الإلهيّين خاصّة، والمؤمنين بهم وبأحوالهم والمحبّين لهم عامّة ـ فإنّكم قبلة هذه المخاطبة العليّة، ومحلّ هذه التحفة السنيّة ـ، أنّ الله سبحانه منح عبده من عين منّته، بسابق إحسانه وعنايته، بعد التحقّق بمعرفته وشهوده من علم الأسماء والحقائق، وأسرار الوجود والخلائق، ما شاء وأحبّ، حسب القبول والأهليّة، وخلوص التوجّه لدى التعرّض للنفحات الإلهيّة وصفاء النيّة، لا على مقدار جوده ؛ فإنّه أعظم من أن ينحصر أو يتقيّد، أو ينتهي إلى غاية فيحدّ، فكان من جملة ما منّ به أن أطلعه على بعض أسرار كتابه الكريم، الحاوي على كلّ علم جسيم، وأراه أنّه أظهر عن مقارعة غيبيّة واقعة بين صفتي القدرة والإرادة، منصبغا بحكم ما أحاط به العلم في المرتبة الجامعة بين الغيب والشهادة، لكن على نحو ما اقتضاه الموطن والمقام، وعيّنه حكم المخاطب وحاله ووقته بالتبعيّة والاستلزام، فالكلام وإن كان مجرّدا من حيث حقيقته، فإنّه لجمعه حكم الصفتين المذكورتين في طريقته، وتوقّف ظهوره في عالم الشهادة عليهما، هو كالمركّب منهما.

فأمّا نسبته من الإرادة فإنّه مقصود المتكلّم وسرّ إرادته، ومظهر وموصل وجامع، ولهذا يبرز ما كمن في باطن المتكلّم إلى كلّ مخاطب وسامع.

وأمّا نسبته من القدرة فمن حيث كونه من باب التأثير الإلهي والكوني آلة، ولهذا كان الإيجاد موقوفا على قول «كن» معنى أو صورة أو هما معا لا محالة، واشتقّ له اسم من الكلم ـ وهو التأثير ـ تنبيها على هذا السرّ الخطير.

ثمّ سرى الحكم في كلّ كلام صادر من كلّ متكلّم أن لا يظهر إلّا بحكم النسب المذكورة، منصبغا بما انطوت عليه السريرة، واقتضاه حكم الصفة الغالبة على المتكلّم حين الكلام والسيرة، وسيتلى عليك من أخباره، ما يكشف لك عن سرّ مراتبه وأحكامه وأسراره .

ثمّ إنّ الحقّ ـ سبحانه وتعالى ـ جعل العالم الكبير الأوّل من حيث الصورة كتابا حاملا صور أسماء الحقّ وصور نسب علمه المودع في القلم الأسمى، وجعل الإنسان الكامل ـ الذي هو العالم الصغير من حيث الصورة ـ كتابا وسطا جامعا بين حضرة الأسماء وحضرة المسمّى، وجعل القرآن العزيز [شارح] خلق المخلوق على صورته، ليبيّن به خفيّ سيرته، وسرّ سورة مرتبته، فالقرآن العزيز هو النسخة الشارحة صفات الكمال الظاهر بالإنسان، والفاتحة نسخة النسخة القرآنيّة من غير اختلال ولا نقصان ؛ وكما أنّ كلّ نسخة تالية هي مختصرة الأولى، كذلك كانت الفاتحة آخر النسخ العلى.

والكتب الإلهيّة الكليّة خمسة على عدد الحضرات الأول الأصليّة.

فأوّلها الحضرة الغيبيّة العلميّة النوريّة المحيطة بكلّ ما ظهر، ولها المعاني المجرّدة والنسب الأسمائيّة العلميّة.

وتقابلها حضرة الظهور والشهادة، ولها ظاهر الوجود الكوني ـ المسمّى بالكتاب الكبير ـ وسائر التشخّصات الصوريّة.

وحضرة الجمع والوجود والإخفاء والإعلان، ولها الوسط، وصاحبها الإنسان.

وعن يمين هذه الحضرة الوسطى حضرة بينها وبين الغيب المتقدّم، نسبتها إليه أقوى وأتمّ، وكتابها عالم الأرواح واللوح المحفوظ المصون الملحوظ.

وعن يسارها حضرة نسبتها إلى الاسم الظاهر ـ مرتبة الشّهادة ـ أقرب، وهي مستوى الصحف المنزلة على الأنبياء والكتب.

فالكتب الأربعة المذكورة جداول بحر أحكام مرتبة الإنسان المستورة، وباقي المراتب الوجوديّة التفصيليّة يتعيّن فيما بين هذه الأمّهات العلويّة، فإنّه عليها تترتّب أحكام النسب الأصليّة، وما يتبعها من الأسماء المتصرّفة في العوالم الملكيّة والجبروتيّة والملكوتيّة، وأشخاص الموجودات مظاهر دقائق الأسماء والصفات.

فمن كان مظهرا لإحدى هذه المراتب الخمس، قربت نسبته منها في حضرة القدس ؛ فإنّ حكم تلك المرتبة الأصليّة فيه يكون أظهر وأبين، ونسبة كلامه وما يخاطب به من جهة الحقّ من حيث تلك المرتبة أشدّ وأمكن.

ولكلّ مرتبة من هذه الخمس كمال ربّاني يبدو حكمه ويدوم بحسب قبول مظهره الإنساني.

ومن كان مقامه نقطة وسط الدائرة وسلم من الأطراف الجائرة كنبيّنا محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله، فإنّ كلامه يكون أعمّ حكما، والتنزيلات الواردة عليه أعظم إحاطة، وأجمع علما ؛ لاستيعابه أحكام المراتب وحيطته لها، فليس يخرج شيء عن حكم مقامه وقبضته.

ولهذا المقام أسرار سترت بإقرار وإنكار، وأقرّت في منزلها ؛ خوفا من إظهارها في غير وقتها، وقبل بلوغ محلّها، ولو جاز إفشاؤها لأبرزت إليكم، وتليت آياتها عليكم، ولكن سرّ قوله تعالى : (لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) ـ ولم يقل : ما نزّل إليك، ولا كلّ ما أنزل عليك، وغير ذلك من الإشارات الإلهيّة والحكم ـ منع من التصريح بما هنالك، فوجب اعتبار التنبيه الإلهي، والوقوف عند ذلك.

ثمّ إنّه لمّا وقف العبد على خزائن هذه الأسرار، واستجلى منها ما شاء الله عند رفع الأستار، لم يجد إلّا من جانب الحقّ لإظهار ما جاد به ؛ باعثا يوجب الإفادة والإخبار، ولا رغبة ـ بحمد الله ـ إلى طلب الظهور بالإظهار، فرجّح السكوت والكتمان، وغلّب بالتوفيق الإلهي حكم الإخفاء على الإعلان. ولم يزل هذا حاله إلى أن جدّد له الحقّ داعية العزم كرّة أخرى، من حيث السفر فيه على التوجّه إليه، والتعرّض لنفحات جوده، والإقبال

بوجه القلب عليه، ومنحه عند ذلك التوجّه لا به فتحا جديدا، وجعل بصر بصيرته به ـ لا بالفتح ـ حديدا وقيامه بحقّ شكر نعمته من غاية العجز قعودا، وضمن من هذا الفتح أيضا من أسرار علم كتابه ما فتح به مغاليق كثيرة من أبوابه، ثم حرّك الباطن لإبراز نبذ من تلك الأسرار إلى إخوانه الإلهيّين والأبرار بداعية لائحة بركتها، مرجوّ من فضل الله الأمن [من] غائلتها، فاستخار العبد ربّه في إمضاء تلك الداعية، رجاء أن يجعل لها عنده ثمرة صالحة، وكلمة باقية، واستفتح باسم الله.


nbkuhZJSGVI

 

 

البحث في نص الكتاب

كتب صدر الدين القونوي:

كتب صدر الدين القونوي:

كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن

مفتاح غيب الجمع ونفصيله

كتاب الفكوك في أسرار مستندات حكم الفصوص

الأسماء الحسنى

رسالة النصوص

مشرع الخصوص إلى معاني النصوص للشيخ علاء الدين علي بن أحمد المهائمي

النفحات الإلهية

مرآة العارفين ومظهر الكاملين في ملتمس زين العابدين

المكتوبات

الوصية

إجازة الشيخ محي الدين له

التوجه الأتم إلى الحق تعالى

المراسلات بين صدرالدين القونوي وناصرالدين الطوسي

الرسالة المهدوية

الرسالة الهادية

الرسالة المفصحة

نفثة المصدور

رشح بال

الرسالة المرشدية

شرح الشجرة النعمانية {وهي تنسب خطأً إليه}



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!