موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الشيخ صدر الدين القونوي

كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن

للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي

ما في الوجود من العلم

 

 


ثم نقول : فالظاهر من الموجودات ليس غير تعيّنات نسب العلم الذي هو النور المحض، تخصص وتخصّص بحسب حكم الأعيان الثابتة، ثم انصبغت الأعيان بأحكام بعضها في البعض بحسب مراتبها التي هي الأسماء، فظهرت به ـ أعني النور ـ وتعيّن بها وتعدّد.

فمتى حصل تجلّ ذاتي غيبي لأحد من الوجه الخاصّ يرفع أحكام الوسائط ؛ فإنّه يقهر ـ كما قلنا ـ بأحديّته أحكام الأصباغ العينيّة الكونية، المسمّاة حجبا نوريّة إن كانت أحكام

الروحانيّات، وحجبا ظلمانيّة إن كانت أحكام الموجودات الطبيعيّة والجسمانيّات، فإذا قهرها هذا التجلّي المذكور، وأظهر حكم الأحديّة المستجنّة في الكثرة اللازمة لذلك الموجود المتجلّى له على نحو ما مرّ، اتّحدت أحكام الأحديّات المذكورة من قبل في الأصل الجامع لها، وارتفعت موجبات التغاير بظهور حكم اتّحاد الأحكام المتفرّعة من الواحد الأحد، كما سبقت الإشارة إليه فسقطت أحكام النسب التفصيليّة والاعتبارات الكونيّة بشروق شمس الأحديّة ؛ فإنّ العالم محصور في مرتبتي الخلق والأمر، وعالم الخلق فرع وتابع لعالم الأمر، (وَاللهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ)، فإذا ظهرت الغلبة الإلهيّة بحكم أحديّتها المذكورة، فني من لم يكن له وجود حقيقي ـ وهي النسب الحادثة الإمكانيّة ـ وبقي من لم يزل وهو الحقّ، فظهر حكم العلم الإلهي وخاصّيّته بالحال للأزلي لم يتجدّد له أمر غير ظهور إضافته إلى العين المتعيّنة فيه أزلا، الموصوفة الآن بواسطة التجلّي النوري بالعلم ؛ لما تجدّد لها من إدراكها عينها وما شاء الحقّ أن يطلعها عليه في حضرة العلم اللدنّي بصفة وحدتها ونور موجودها، وما قبلت من تجلّيه الوجودي الذي ظهر به تعيّنها في العلم الأزلي.

ثم ليعلم أنّ لهذا العلم الذي هو نور الهويّة الإلهيّة حكمين أو قل : نسبتين ـ كيف شئت ـ : نسبة ظاهرة، ونسبة باطنة، فالصور الوجوديّة المشهودة هي تفاصيل النسبة الظاهرة، والنور المنبسط على الكون ـ المدرك في الحسّ، المفيد تميّز الصور بعضها من بعض ـ هو حكم النسبة الظاهرة من حيث كلّيّتها وأحديّتها.

وإنّما قلت : «حكم النسبة الظاهرة» من أجل أنّ النور من حيث تجرّده لا يدرك ظاهرا، وهكذا حكم كلّ حقيقة بسيطة وإنّما يدرك النور بواسطة الألوان والسطوح القائمة بالصور، وكذا سائر الحقائق المجرّدة لا تدرك ظاهرا إلّا في مادّة، والنسبة الباطنة هي معنى النور ومعنى الوجود الظاهر وروحه الموضح للمعلومات المعنويّة والحقائق الغيبيّة الكلّيّة، التي

لا تظهر في الحسّ ظهورا يرتفع عنها به حكم كونها معقولة، وتفيد أيضا ـ أعني هذه النسبة الباطنة العلميّة النوريّة ـ معرفة عينها ووحدتها وأصلها الذي هو الحقّ ونسب هويّته التي هي أسماؤه الأصليّة، أو قل : شؤونه ـ وهو الأصحّ ـ ومعرفة تمييز بعضها من بعض وما هو منها فرع تابع، وأصل متبوع ؛ وكذلك تفيد معرفة الحقائق المتعلّقة بالموادّ والنسب التركيبيّة وما لا تعلّق له بمادّة ولا شيء من المركّبات، وما يختصّ بالحقّ من الأحكام ويصحّ نسبتها إليه، وما يخصّ العالم وينسب إليه، وما يقع فيه الاشتراك بنسبتين مختلفتين. هذا إلى غير ذلك من التفاصيل التابعة لما ذكر.

فصور الموجودات نسب ظاهر النور، والمعلومات المعقولة هي تعيّنات نسبه الباطنة التي هي أعيان الممكنات الثابتة، والحقائق الأسمائيّة الكلّيّة وتوابعها من الأسماء.

فالعالم بمجموع صوره المحسوسة وحقائقه الغيبيّة المعقولة، أشعّة نور الحقّ، أو قل : نسب علمه، أو صور أحواله، أو تعدّدات تعلّقاته، أو تعيّنات تجليّاته في أحواله المسمّاة من وجه أعيانا، فظاهر العلم صورة النور، وباطنه المذكور معنى النور، غير أنّ ظهور صورة النور توقّف على امتياز الاسم «الظاهر» بسائر توابعه المنضافة إليه عن معنى النور، فصار الباطن بما فيه متجلّيا ومنطبعا في مرآة مّا ظهر منه.

وهكذا كلّ نسبة من نسب ما ظهر مرآة لنسبة مّا من النسب الباطنة النوريّة العلميّة، مع أحديّة الذات الجامعة لسائر النسب الباطنة والظاهرة وقد أخبر الحقّ سبحانه أنّه : (نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ)، ثم ذكر الأمثلة والتفاصيل المتعيّنة بالمظاهر على نحو ما تقتضيه مراتبها كما سبق التنبيه عليه ؛ ثم قال في آخر الآية : (نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ) فأضاف النور إلى نفسه مع أنّه عين النور، وجعل نوره المضاف إلى العالم الأعلى والأسفل هاديا إلى معرفة نوره المطلق، ودالّا عليه، كما جعل المصباح والمشكاة والشجرة وغيرها من الأمثال هاديا إلى نوره المقيّد وتجلّياته المتعيّنة في مراتب مظاهره، وعرّف

أيضا على لسان نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه النور وأنّ حجابه نور وأخبر : أنّه (أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً) و (إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ) وأنّه (وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً) .

والرحمة الشاملة عند من تحقّق بالذوق الإلهي والكشف العلمي هو الوجود العامّ، فإنّ ما عدا الوجود لا شمول فيه، بل تخصيص تمييز، فدلّ جميع ذلك عند المنصف ـ إذا لم يكن من أهل الكشف ـ على صحّة ما قصدنا التنبيه عليه بهذه التلويحات، فتدبّر ذلك وافهم ما أدرجت لك في هذه المقدّمات تلمح أسرار عزيزة إن شاء الله تعالى.


nbkuhZJSGVI

 

 

البحث في نص الكتاب

كتب صدر الدين القونوي:

كتب صدر الدين القونوي:

كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن

مفتاح غيب الجمع ونفصيله

كتاب الفكوك في أسرار مستندات حكم الفصوص

الأسماء الحسنى

رسالة النصوص

مشرع الخصوص إلى معاني النصوص للشيخ علاء الدين علي بن أحمد المهائمي

النفحات الإلهية

مرآة العارفين ومظهر الكاملين في ملتمس زين العابدين

المكتوبات

الوصية

إجازة الشيخ محي الدين له

التوجه الأتم إلى الحق تعالى

المراسلات بين صدرالدين القونوي وناصرالدين الطوسي

الرسالة المهدوية

الرسالة الهادية

الرسالة المفصحة

نفثة المصدور

رشح بال

الرسالة المرشدية

شرح الشجرة النعمانية {وهي تنسب خطأً إليه}



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!