المكتبة الأكبرية
*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***
*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***
كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن
للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي
متعلّقات العلم
العلم إمّا أن يتعلّق بالحقّ، أو بسواه، والمتعلّق بالحقّ إمّا أن يتعلّق به من حيث اعتبار غناه وتجرّده عن التعلّق بغيره من حيث هو غير، أو من حيث تعلّقه بالغير وارتباط الغير به، أو من حيث معقوليّة نسبة جامعة بين الأمرين، أو من حيث نسبة الإطلاق عن النسب الثلاث، أو من حيث الإطلاق عن التقيّد بالإطلاق وعن كلّ قيد، وانحصر الأمر في هذه المراتب الخمس فاستحضرها.
ثم نقول : والمتعلّق بالأغيار إمّا أن يتعلّق بها من حيث حقائقها التي هي أعيانها، أو يتعلّق بها من حيث أرواحها التي هي مظاهر حقائقها، أو من حيث صورها التي هي مظاهر الأرواح والحقائق. وللحقائق والأرواح والصور من حيث أعيانها المفردة المجرّدة أحكام، ولها من حيث التجلّي الوجودي الساري فيها والمظهر أعيانها باعتبار الهيئة المعنويّة الحاصلة من اجتماعها أحكام، ولكلّ حكم منها أيضا حقيقة هي عينه. لكن لمّا كانت التابعة أحوالا للمتبوع وصفات ولوازم ونحو ذلك، سمّيت التوابع نسبا وصفات وخواصّ وأعراض
ونحو ذلك. وبعد معرفة المقصود فلا مشاحّة في الألفاظ، سيّما وأهل الاستبصار يعلمون ضيق عالم العبارة بالنسبة إلى سعة حضرة الحقائق والمعاني، وكون العبارات لا تفي بتشخيص ما في الباطن على ما هو عليه.
ثم نرجع ونقول : ومظاهر الحقائق والأرواح ـ كما قلنا ـ الصور وهي : إمّا بسيطة بالنسبة، وإمّا مركّبة، فظهور الأحكام المذكورة في عالم الصور إن تقيّد بالأمزجة والأحوال العنصريّة وأحكامها والزمان المؤقّت ذي الطرفين فهو عالم الدنيا، وما ليس كذلك فإن تعيّن ظهور محلّ حكمه فهو من عالم الآخرة، وحضراتها هي الخمسة المذكورة في صدر الكتاب.
فللأولى منها ـ الذي هو الغيب ـ علم الحقّ وهويّته والمعاني المجرّدة والحقائق ؛ وللثانية الشهادة والاسم «الظاهر» ونحو ذلك. وما نسبته إلى الحسّ أقوى، له الخيال المتّصل ونحوه. وما نسبته إلى الغيب أقوى، فهو عالم الأرواح. والمتوسّط باعتبار الدائرة الوجوديّة بين مطلق الغيب والشهادة من حيث الإحاطة والجمع والشمول هو عالم المثال المطلق المختصّ بأمّ الكتاب الذي هو صورة العماء، وله ما مرّ، وبما لا يمكن ذكره.
وكلّ ذلك إمّا أن يعتبر من حيث النسبة الفعليّة، أو الانفعاليّة، أو الجامعة بينهما في سائر المراتب المذكورة، وتمّ الأمر.
ثم نبيّن الآن صورة الإدراك بالعلم، وما يختصّ بذلك من أدوات التفهيم والتوصيل والكلام والألفاظ والعلامات، ونحو ذلك.
nbkuhZJSGVI