المكتبة الأكبرية
*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***
*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***
النفحات الإلهية
للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي
نفحة شريفة الهية جامعة
طرأت لي حالة شهدت فيها الحق سبحانه في مشهد جامع لجميع المراتب و المشاهد بمحضر من شيخنا رضى اللّه عنه و سألت في اواخر ذلك المشهد و انا بعد في الحضرة عينها عن كيفية شهودى، فخاطبت شارحا و الشيخ رضى اللّه عنه يسمع و يرى و هذا الضعيف ايضا كذلك و نطقت مفصحا و قلت: اراه ظاهرا لا يبطن ابدا و اراه باطنا لا يظهر ابدا، و اراه سائرا من بطونه الى ظهوره بالتدريج ابدا و سائرا ايضا، و لا أقول راجعا من ظهوره الى بطنه ابدا ايضا و بالتدريج لا الى غاية، و اراه معلوما مشهودا حقيقة برؤية تامة، و اراه مجهولا غير مشهود حقيقة و ارانى اراه وارى. و اعلم انى لا اعلم حين اراه كيف اراه و لا اعلم هل اعلم و لا أشعر، إذ ذاك انى اعلم، و آخر ذلك ان العلم ينبعث فىّ من رؤيتى بعد الرؤية و اما حال الرؤية، فلا رؤية و لا علم و هذا المجموع بهذا التفصيل ثابت و واقع و حاصل في مشهد واحد متحد شهودا متميزا مفصلا علما لا شهودا، و رأيت شيخنا رضى اللّه عنه يسر جدا بما أقول و يتبسم و يسارقنى النظر، و كأنى به شاخص في ربه عز و جل و انى مشاركه في ذلك، و كنت أخبرت قبل ذلك بان الصيحة قد قربت و الصعق يقع و النفخ في الصور بالنفخة الاولى يأتى عن قريب و سألت عن الصيحة انها عبارة عن ما ذا؟ فقيل لي: هو صوت يقع من انفطار السماوات حال الانخرام و رأيت موضعا قيل لي: انه الموضع الذي يتصل به النفخ من الأرض اولا، و أقمت فيه و صليت عنده ركعتين مع أرواح بعض اصحابى و أعطيت السكينة العاصمة من الصعق، و أشهدت سر تجدد العلم في كل نفس، و أريت كيفية السير الى نقطة الاعتدال الحقيقي و رأيت مرتبة الختمية عند تلك النقطة، و رأيت علة رؤية الناس الكمل قبلهم و غير الكمل ايضا مناما و يقظة، و علمت سر: وَ سْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنََا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنََا ( 45الزخرف) ذوقا و شهودا الى غير ذلك مما تضيق عنه العبارة و ينبو عنه لسان كل إشارة، فهذا بعض ما ظهر في هذا القرب، و اللّه واسع عليم محيط رءوف رحيم .