المكتبة الأكبرية
*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***
*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***
النفحات الإلهية
للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي
نفحة الهية تتضمن التنبيه على سبب تعذر الاحاطة بمعرفة الحق
قيل لي في باطنى ليلة الجمعة التي صبيحتها اليوم التاسع عشر من جمادى الاولى سنة اثنتين و سبعين و ست مائة: هل تعلم ما سبب تعذر الاحاطة العلمية بالحق؟ فقلت مجيبا: اعلم و لا اعلم و اطلب الزيادة من العلم تأسيا بنبينا محمد صلّى اللّه عليه و سلّم، المأمور بان يقول: و قل رب زدني علما (114طه) فجاء الجواب: بان السبب الأقوى في ذلك هو عدم المناسبة بين ما لا يتناهى و بين المتناهي، فان كل ما هو متناه القوة و القبول ذا حقيقة مقيدة، داخلة في المرتبة العددية، لا يقبل من مطلق الوجود و العلم الا امرا متعينا متناهيا، و لا يحب و يأنس الا بما ينضبط له و يتكيف بحاله .
فالحاصل للمشاهد من الحق علما و شهودا امر متعين متقيد مع انه مطلق في
نفسه، و لا نسبة بين المطلق من حيث إطلاقه بينه من حيث تعينه في معيّن و بمعيّن ، فلا مناسبة بين مطلق الحق و بين ما يتعين و ينضبط منه للمشاهد و العالم به .
و اقصى درجات الإطلاق العرفانى و الشهودى بالنسبة الى المعرفة و الشهود هو ما يتعين للكمل مع تفاوت واقع بينهم في ذلك، فكيف بمن نزل عن درجتهم؟ فالاوسع دائرة علمية، أحق بمعرفة الحق و اقرب نسبة الى المعرفة الإطلاقية الاحاطية المتعذرة الحصول تماما، فافهم، و اللّه الهادي