المكتبة الأكبرية
*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***
*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***
النفحات الإلهية
للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي
كتاب آخر الى بعض إخوانه
سلام اللّه و رحمته و بركاته على المولى السيد الامام العلام حبر المذاهب مفتى الفرق محيى الدين لا زال في كنف الحماية محروسا و في العالمين رئيسا و لا برح سليما من جذبات اطراف دائرة كونه محالا بينه و بين بينه، شوق الداعي الى مطالعة جميل محياه و تشوقه الى التمتع بلطيف مؤانسته و كريم لقياه شوق يقصر عن شرحه العبارات و يضيق عن إبداء سر كنهه نطاق الإشارات و وده في اللّه على ما عهد ابدا لا بد ان شاء اللّه تعالى يعلم المولى انه خوطب الداعي في حق المولى خطابا صريحا بامور منها الإشارة الى النقلة بلفظ بشيع ، و خاف الداعي من ذلك الخطاب و اوله بامور مختلفة و رأى ايضا تشخص مضمون ذلك الخطاب في البرزخ الكبير .
فلما وصله ما عرض من الوحشة بين المولى و الاصحاب تألم و فرح معا و فسره بذلك
و جملة الحال ان انقطاع رابطة المولى و لو من وجه واحد من الاصحاب و سيما هذه الشرذمة القليلة من حيث العدد، الكثيرة في عالم الغيب و حضرة الفرد الصمد موت للروح يحتاج الى معالجة شافية لا يعرفها الا الندر من الافراد .
فباللّه عليك! ها انا مذ خرجت معك في هذا الفصل عن دائرة العوائد و الطباع و العقائد و دخلت في دائرة التحقيق جاذبا لك اليه طالبا لك الفوز بالتمكن فيه و الاحتظاء مما لديه، إياك ان تضيع سابق خوضك في امر اللّه و اشتمالك على شأن اللّه، و لا تغتر بملابس الصفات الربانية و ان حسنت و توقع المتوقعون اجتناء ثمراتها عند اللّه، و البضاعة المطلوبة بضاعة تبقى ببقائك في عالم أرضك و سمائك. و اما كل ما هو مجعول فيك و ان كان شريفا فإنه لا يساوى عند أكابر المحققين في حال صدمات القهر الإلهي شيئا، الا تنظر الى قوله: وَ لَئِنْ شِئْنََا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنََا إِلَيْكَ الاية (86الإسراء) اما في ذلك عبرة للمعتبرين و موعظة للمعتبرين؟ و اللّه انى لأعرف ما لو أظهره من شهده لسلب ذوى الايمان ايمانهم و محا من بواطن اكثر اهل العلوم الباطنة الذوقية اذواقهم و علومهم و إذا كان هذا واقعا دون شك من بعض عبيد اللّه، فما الظن باللّه إذا غصب لأحبائه او للمنتسبين الى أحبائه؟ انخفر الحق ذمته من حيث عبده الكامل، و سيما مثل الشيخ رضى اللّه عنه، المتعدي بكمال ترقيه ما عرف بعد الكمال من درجات الأكملية، و اللّه انه ليغار لأهل اهله كما يغار لأهله، و يغضب لغضبهم و يرضى لرضاهم في الامر الخطير و الحقير و القطمير و النقير .
اما انى لو ذكرت بعض ما شاهدت غير مرة من هذا، لأطلت و قصرت و ان
أطنبت وَ مََا شَهِدْنََا إِلََّا بِمََا عَلِمْنََا وَ مََا كُنََّا لِلْغَيْبِ حََافِظِينَ ( 81يوسف) .
و اللّه و اللّه هذا لسان المحبة الإلهية و الغيرة الربانية، اطلب يا مولاى مراضى إخوانك و لو ببذل أهلك و مالك، و لا تستعمل في امر اللّه فقد المعرفة و لا تظهر الاستغناء عن اهل اللّه، الذين لا تعرف مقامهم في نفس الحق بما حصل لك من منح اللّه، و ابذل الجهد و الجأ الى ربك ليرضيهم عنك تستثمر مغارس أدبك معه و مع اهله، و قد ادبت و عرفت بعض ما عرّفت، و اللّه يقول الحق و يهدى من يشاء الى صراط مستقيم، و السلام عليكم و رحمة اللّه.