المكتبة الأكبرية
*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***
*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***
رسالة النصوص
للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي
نصّ شريف
اعلم انّ أعلى درجات العلم بالشيء ، اىّ شيء كان وبالنسبة إلى اىّ عالم كان ، وسواء كان المعلوم شيئا واحدا أو أشياء ، انّما يحصل بالاتحاد بالمعلوم ، وعدم مغايرة العالم له ، لانّ سبب الجهل بالشيء ، المانع من كمال الإدراك ( إدراكه ، خ ل ) ، ليس غير غلبة حكم ما به يمتاز كلّ واحد منهما عن الآخر ، فانّ ذلك بعد معنوىّ ، والبعد حيث كان ، مانع من كمال ادراك البعيد ، وتفاوت درجات العلم بالشيء ، بمقدار تفاوت غلبة حكم ما به يتحد العالم بالمعلوم ، وانّه القرب الحقيقي ، الرافع للفصل الذي هو البعد الحقيقي ، المشار اليه بأحكام ما به المباينة والامتياز ، وإذا شهدت هذا الامر وذقته بكشف محقق ، علمت انّ سبب كمال علم الحق بالأشياء ، انّما هو من أجل استجلائه ايّاها في نفسه ، واستهلاك كثرتها وغيريّتها في وحدته ، فان كينونيّة كل شيء في اىّ شيء كان ، سواء كان المحل معنويّا أو صوريا ، انما يكون ويظهر بحسب ما تعيّن وظهر فيه ، ولهذا نقول ، الحق علم نفسه بنفسه ، وعلم الأشياء في نفسه بعين علمه بنفسه ، ولمّ ورد الاخبار الإلهي بان الله تعالى ، كان ولم يكن معه شيء ، انتفت غيريّة الأشياء بالنّسبة إلى الوحدة التي هي محلَّها العيني ( الغيبىّ خ ل ) ، وثبت أولية الحق من حيث الوحدة وبامتياز كثرة الأشياء المتعلقة ثانيا ، الكامنة من قبل ، في ضمن الوحدة والجمع بينها ، وبين الوحدة بالفعل ، ظهر الكمال المستجنّ في الوحدة أولا ، فانفتح بذلك باب كمال الجلاء والاستجلاء ، الذي هو المطلوب الحقيقي ، فظهرت أحكام الوحدة في الكثرة والكثرة في الوحدة ، فوحّدت الوحدة الكثرة ، لكونها صارت قدرا مشتركا بين المتكثّرات المتميّزة بالذات بعضها عن بعض ، وفوصلت فصولها ، لانّها جمعت بذاتها كما ذكرناه ، وعدّدت المتكثّرات الواحد من حيث التعيّنات التي هي سبب تنوّعات ظهور الواحد بالصبغ والأصباغ ، والكيفيات المختلفة التي اقتضتها اختلاف الاستعدادات المتكثرات ، القابلة للتجلى الواحد فيها ، فتجدّدت معرفة أنواع الظهورات والاحكام اللازمة لها ، التي هي عبارة عن تأثير بعضها في بعض ( البعض خ ل ) بالابرام والنقض ظاهرا وباطنا ، علوا وسفلا ، موقتا وغير موقت ، مناسبا وغير مناسب ، كل ذلك بالاتصال الحاصل بينه بالتجلي الوجودي الوجداني الجامع شملها ، كما ذكر . فالعلم والنّعيم والسّعادة ، على اختلاف ضروب الجميع ، انّما هو بحسب المناسبة ، والجهل والعذاب والشّقاء ، بحسب قوة احكام المباينة والامتياز . واما امتزاج احكام ما به الاتحاد واحكام ما به الامتياز ، فأبدى ( فابد خ )
ولمّا شرعت في كتابة هذا النّص ، قيل لي في باطني في أثناء الكتابة الاحكام المضافة إلى الوحدة والواحد الحق ، والمعبّر عنها بأحكام الوجوب ، أصلها من حيث الوحدة ، حكم الواحد ، ( واحد - خ ) هو حقيقة القضاء والمقادير ، اثر تعدّدات المعلومات لذلك
الحكم الواحد ، وظهور الوجود الواحد بموجب تلك التعديدات ، تأثّرا أولا . وتأثيرا ثانيا في المعدّدات ، ( المعدومات - خ ل ) بإعادة آثارها عليها . فاعلم ذلك وتدبّر غريب ما نبهت عليه ( تنبهت عليه - خ ) ، تفز بالعلم العزيز والله المرشد .