موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الشيخ صدر الدين القونوي

رسالة النصوص

للشيخ أبي المعالي صدر الدين بن إسحق القونوي

نصّ شريف كلَّى يحتوي على اسرار جليّة

 

 


اعلم أن كل ما يوصف بالمؤثريّة في شيء أو أشياء ، فإنه لا يصدق اطلاق هذ الوصف عليه تماما ، ما لم يؤثّر في حقيقة ذلك الشيء من حيث هو هو ، دون تعقّل انضمام قيد آخر إلى تلك الحقيقة الموصوفة بالتأثير ، أو شرط ما خارجي كائنا  ما كان .

وانّما ذكرت هذه القيود من أجل الآثار المنسوبة إلى أشياء  من حيث مراتبها أو من حيث اعتبارات هي من لوازم حقائقها ، ومن أجل ما استفاض أيضا عند أهل العقل النظري وأكثر أهل الأذواق بان كل موصوف بالمرآتيّة ، سواء كانت مرآتيّة معنويّة أو محسوسة ، فانّ لها ، اى لتلك المرآة أثرا في المنطبع فيها ، لردها صورة المنطبع إليها ، وظهور صورة المنطبع فيها بحسبها ، وهذا صحيح من وجه ليس مطلقا ، فان الأثر للمرآة في المنطبع انما كان يصحّ ان لو اثّرت في حقيقته من حيث هو ، وذلك غير واقع ، وانّما يثبت  الأثر للمرآة في المنطبع ، من حيث ادراك من لم يعرف حقيقة المنطبع ، ولم يدركه الا في المرآة ، وليست المرآة بمحل لحقيقة المنطبع ، بل هي محل لمثاله وبعض ظهوراته ، والظهور نسبة تضاف إلى المنطبع من حيث انطباع صورته في المرآة ، وليس عين حقيقة المنطبع . ومرادي بقولي  بعض ظهوراته التّنبيه على انّ التجلَّيات الذاتيّة الاختصاصيّة لا يكون في مظهر ولا في مرآة ولا بحسب مرتبة ما ، فانّ من أدرك الحق من حيث هذه التجليّات ، فقد شهد الحقيقة خارج المرآة من حيث هي هي لا بحسب مظهر ولا مرتبة ، كما قلنا ، ولا اسم ولا صفة ولا حال معيّن ولا غير ذلك ، وهو الذي يعلم ذوقا بانّ المرآة لا اثر لها في الحقيقة . وكان شيخنا الامام يسمّى هذه التجليّات الذاتيّة البرقيّة  ، وما كنت اعرف يومئذ سبب هذه التّسمية ، ولا مراد الشيخ منه .

ثمّ انّ هذه التجليّات الذاتيّة البرقيّة ، لا يحصل الا لذي  فراغ تامّ من ساير الأوصاف والأحوال والاحكام الوجوبيّة الاسمائيّة والامكانيّة ، وهذ الفراغ ، فراغ مطلق لا يغاير اطلاق الحق ، غير انّه لا مكث له أكثر من نفس واحد ، ولهذا شبّه بالبرق . وسبب عدم دوامه حكم جمعيّة الحقيقة الانسانيّة ، وكما أن هذه الجمعيّة لا يقتضي دوامه ، كذلك لو لم يتضمّن الجمعيّة الانسانيّة هذا الوصف من الفراغ والإطلاق المستجلب لهذه التجليّات ، لم يكن الجمعيّة الانسانيّة ، جمعيّة مستوعبة كلّ وصف وحال وحكم ، فحكم الجمعيّة يثبته وينفى دوامه . ووجدت لهذا التجلي لما منحنيه الله  احكاما غريبة في باطني وظاهري . من جملتها ، انّه مع عدم مكثه نفسين ، يبقى في المحل من الأوصاف والعلوم ما لا يحصره الا الله . وقد عرفت في ليلة كتابتي هذا الوارد ، انّه من لم يذق هذا المشهد ، لم يكن محمدي الوارث ، ولم يعرف سرّ قوله " عليه السلام " :

لي مع الله وقت لا يسعني غير ربّى .

ولا سرّ قوله : كان الله ولا شيء معه .

ولا سرّ قوله “ وما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ  كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ “

ولا يعرف سرّ مبدئيّة الإيجاد لا في زمان موجود . كما انّه من ذاق هذ المشهد وقد كان علم أن الأعيان الثابتة هي حقايق الموجودات وأنّها غير مجعولة وحقيقة الحق منزّهة عن الجعل والتأثّر ، وما ثمّ امر ثالث غير الحق والأعيان ، فانّه يجب ان يعلم ، ان صحّ له ما ذكرنا ، ان لا اثر لشيء في شيء ، وأنّ الأشياء هي المؤثّرة في أنفسها ، وانّ المسمّاة عللا وأسبابا مؤثّرة ، شروط في ظهور الأشياء في أنفسها ، لا ان ثمّة حقيقة تؤثّر في حقيقة غيرها . وهكذا فليعرف الامر في المدد ، فليس ثمّة شيء يمدّ شيئا غيره ، بل المدد يصل من باطن الشيء إلى ظاهره ، والتجلي النّورى الوجودي يظهر ذلك ، وليس الاظهار بتأثير في حقيقة ما اظهر ، فالنسب هي المؤثّرة بعضها في البعض ، بمعنى انّ بعضها سبب لانتشاء البعض وظهور حكمه في الحقيقة التي هي محتدها ، ومن جملة ما يعرفه ذائق هذا التجلي ، ان لا اثر للأعيان الثابتة من كونها مرائي في التجلي الوجودي الإلهي الا من حيث ظهور التعدّد الكائن في غيب  ذلك التجلي ، فهو اثر في نسبة الظهور الذي هو شرط في الاظهار ، والحق يتعالى عن أن يكون متأثّرا من غيره ، ويتعالى حقايق الممكنات  ان يكون من حيث حقائقها متأثّرة ، فانّها من هذا الوجه في ذوق الكمل عين شؤون الحق ، فلا جائز ان يؤثّر فيها غيرها ، فلا اثر لمرآة ما من حيث هي مرآة في حقيقة المنطبع فيها ، لما مرّ بيانه . فافهم هذا النّص وتدبّره ، فقد أدرجت فيه من نفايس العلوم والاسرار ما لا يقدّر قدره الا الله ، وهذا هو الحقّ اليقين والنّصّ المبين ، وكلّ مما تسمعه مما يخالف هذا وان كان صوابا ، فانّه صواب نسبىّ .

وهذا هو الحقّ الصريح الذي لا مرية فيه ، والله المرشد الهادي .



 

 

البحث في نص الكتاب

كتب صدر الدين القونوي:

كتب صدر الدين القونوي:

كتاب إعجاز البيان في تفسير أم القرآن

مفتاح غيب الجمع ونفصيله

كتاب الفكوك في أسرار مستندات حكم الفصوص

الأسماء الحسنى

رسالة النصوص

مشرع الخصوص إلى معاني النصوص للشيخ علاء الدين علي بن أحمد المهائمي

النفحات الإلهية

مرآة العارفين ومظهر الكاملين في ملتمس زين العابدين

المكتوبات

الوصية

إجازة الشيخ محي الدين له

التوجه الأتم إلى الحق تعالى

المراسلات بين صدرالدين القونوي وناصرالدين الطوسي

الرسالة المهدوية

الرسالة الهادية

الرسالة المفصحة

نفثة المصدور

رشح بال

الرسالة المرشدية

شرح الشجرة النعمانية {وهي تنسب خطأً إليه}



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!