«قال يا أيها الملأ أيكم» في الهمزتين ما تقدم «يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين» منقادين طائعين فلي أخذه قبل ذلك لا بعده.
وَأَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّما أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ (92)
اعلم أن التالي إنما سمي تاليا لتتابع الكلام بعضه بعضا ، وتتابعه يقضي عليه بحرف الغاية ، وهما من وإلى ، فينزل من كذا إلى كذا ، ولما كان القلب من العالم الأعلى قال تعالى فيه (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ) وكان اللسان من العالم الأنزل ، والحرف من عالم اللسان ،
ففصل اللسان الآيات وتلا بعضها بعضا ، فيسمى الإنسان تاليا من حيث لسانه ، فإنه المفصل لما أنزل مجملا .
------------
(92) الفتوحات ج 3 /
94
قال محمد بن إسحاق ، عن يزيد بن رومان قال : فلما رجعت إليها الرسل بما قال سليمان قالت : قد - والله - عرفت ، ما هذا بملك ، وما لنا به من طاقة ، وما نصنع بمكاثرته شيئا ، وبعثت إليه : إني قادمة عليك بملوك قومي ، لأنظر ما أمرك وما تدعونا إليه من دينك . ثم أمرت بسرير ملكها الذي كانت تجلس عليه - وكان من ذهب مفصص بالياقوت والزبرجد واللؤلؤ - فجعل في سبعة أبيات ، بعضها في بعض ، ثم أقفلت عليه الأبواب ، ثم قالت لمن خلفت على سلطانها : احتفظ بما قبلك ، وسرير ملكي ، فلا يخلص إليه أحد من عباد الله ، ولا يرينه أحد حتى آتيك . ثم شخصت إلى سليمان في اثني عشر ألف قيل من ملوك اليمن ، تحت يدي كل قيل منهم ألوف كثيرة . فجعل سليمان يبعث الجن يأتونه بمسيرها ومنتهاها كل يوم وليلة ، حتى إذا دنت جمع من عنده من الجن والإنس ، ممن تحت يديه ، فقال : ( يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين ) .
وقال قتادة : لما بلغ سليمان أنها جائية ، وكان قد ذكر له عرشها فأعجبه ، وكان من ذهب ، وقوائمه لؤلؤ وجوهر ، وكان مسترا بالديباج والحرير ، وكانت عليه تسعة مغاليق ، فكره أن يأخذه بعد إسلامهم . وقد علم نبي الله أنهم متى أسلموا تحرم أموالهم مع دمائهم فقال : ( يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين ) .
وهكذا قال عطاء الخراساني ، والسدي ، وزهير بن محمد : ( قبل أن يأتوني مسلمين ) فتحرم علي أموالهم بإسلامهم .
قوله تعالى: {فلما جاء سليمان قال أتمدونني بمال} أي جاء الرسول سليمان بالهدية قال {أتمدونني بمال}. قرأ حمزة ويعقوب والأعمش : بنون واحدة مشددة وياء ثابتة بعدها. الباقون بنونين وهو اختيار أبي عبيد؛ لأنها في كل المصاحف بنونين. وقد روى إسحاق عن نافع أنه كان يقرأ {أتمدونِ} بنون واحدة مخففة بعدها ياء في اللفظ. قال ابن الأنباري : فهذه القراءة يجب فيها إثبات الياء عند الوقف، ليصح لها موافقة هجاء المصحف. والأصل في النون التشديد، فخفف التشديد من ذا الموضع كما خفف من : أشهد أنك عالم؛ وأصله : أنك عالم. وعلى هذا المعنى بنى الذي قرأ {تشاقون فيهم} النحل 27 ، {أتحآجوني في الله } الأنعام 80 . وقد قالت العرب : الرجال يضربون ويقصدون، وأصله يضربوني ويقصدوني : لأنه إدغام يضربونني ويقصدونني قال الشاعر : ترهبين والجيد منك لليلى ** والحشا والبغام والعينان والأصل ترهبيني فخفف. ومعنى {أتمدونني} أتزيدونني مالا إلى ما تشاهدونه من أموالي. قوله تعالى: {فما آتاني الله خير مما آتاكم} أي فما أعطاني من الإسلام والملك والنبوة خير مما أعطاكم، فلا أفرح بالمال. و{آتانِ} وقعت في كل المصاحف بغير ياء. وقرأ أبو عمرو ونافع وحفص {آتانيَ الله} بياء مفتوحة؛ فإذا وقفوا حذفوا. وأما يعقوب فإنه يثبتها في الوقف ويحذف في الوصل لالتقاء الساكنين. الباقون بغير ياء في الحالين. {بل أنتم بهديتكم تفرحون} لأنكم أهل مفاخرة ومكاثرة في الدنيا. قوله تعالى: {ارجع إليهم} أي قال سليمان للمنذر بن عمرو أمير الوفد؛ ارجع إليهم بهديتهم. {فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها} لام قسم والنون لها لازمة. قال النحاس : وسمعت أبا الحسن بن كيسان يقول : هي لام توكيد وكذا كان عنده أن اللامات كلها ثلاث لا غير؛ لام توكيد؛ ولام أمر، ولام خفض؛ وهذا قول الحذاق من النحويين؛ لأنهم يردون الشيء إلى أصله : وهذا لا يتهيأ إلا لمن درب في العربية. ومعنى {لا قبل لهم بها} أي لا طاقة لهم عليها. {ولنخرجنهم منها} أي من أرضهم وقيل {منها} أي من قرية سبأ. وقد سبق ذكر القرية في قوله {إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها} النمل 34 . {أذلة وهم صاغرون} {أذلة} قد سلبوا ملكهم وعزهم. {وهم صاغرون} أي مهانون أذلاء من الصغر وهو الذل إن لم يسلموا؛ فرجع إليها رسولها فأخبرها؛ فقالت : قد عرفت أنه ليس بملك ولا طاقة لنا بقتال نبي من أنبياء الله. ثم أمرت بعرشها فجعل في سبعة أبيات بعضها في جوف بعض؛ في آخر قصر من سبعة قصور؛ وغلقت الأبواب، وجعلت الحرس عليه، وتوجهت إليه في اثني عشر ألف قيل من ملوك اليمن، تحت كل قيل مائة ألف. قال ابن عباس : وكان سليمان مهيبا لا يبتدأ بشيء حتى يكون هو الذي يسأل عنه؛ فنظر ذات يوم رهجا قريبا منه، فقال : ما هذا؟ فقالوا : بلقيس يا نبي الله. فقال سليمان لجنوده - وقال وهب وغيره : للجن - {أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين} وقال عبد الله بن شداد : كانت بلقيس على فرسخ من سليمان لما قال {أيكم يأتيني بعرشها} وكانت خلفت عرشها بسبأ، ووكلت به حفظة. وقيل : إنها لما بعثت بالهدية بعثت رسلها في جندها لتغافص سليمان عليه السلام بالقتل قبل أن يتأهب سليمان لها إن كان طالب ملك، فلما علم ذلك قال {أيكم يأتيني بعرشها}. قال ابن عباس : كان أمره بالإتيان بالعرش قبل أن يكتب الكتاب إليها، ولم يكتب إليها حتى جاءه العرش. وقال ابن عطية : وظاهر الآيات أن هذه المقالة من سليمان عليه السلام بعد مجيء هديتها ورده إياها، وبعثه الهدهد بالكتاب؛ وعلى هذا جمهور المتأولين. واختلفوا في فائدة استدعاء عرشها؛ فقال قتادة : ذكر له بعظم وجودة؛ فأراد أخذه قبل أن يعصمها وقومها الإسلام ويحمي أموالهم؛ والإسلام على هذا الدين؛ وهو قول ابن جريج. وقال ابن زيد : استدعاه ليريها القدرة التي هي من عند الله، ويجعله دليلا على نبوته؛ لأخذه من بيوتها دون جيش ولا حرب؛ و{مسلمين} على هذا التأويل بمعنى مستسلمين؛ وهو قول ابن عباس. وقال ابن زيد أيضا : أراد أن يختبر عقلها ولهذا قال {نكروا لها عرشها ننظر أتهتدي}. وقيل : خافت الجن أن يتزوج بها سليمان عليه السلام فيولد له منها ولد، فلا يزالون في السخرة والخدمة لنسل سليمان فقالت لسليمان في عقلها خلل؛ فأراد أن يمتحنها بعرشها. وقيل : أراد أن يختبر صدق الهدهد في قوله {ولها عرش عظيم} قاله الطبري. وعن قتادة : أحب أن يراه لما وصفه الهدهد. والقول الأول عليه أكثر العلماء؛ لقوله {قبل أن يأتوني مسلمين}. ولأنها لو أسلمت لحظر عليه مالها فلا يؤتي به إلا بإذنها. روي أنه كان من فضة وذهب مرصعا بالياقوت الأحمر والجوهر، وأنه كان في جوف سبعة أبيات عليه سبعة أغلاق. قوله تعالى: {قال عفريت من الجن} كذا قرأ الجمهور وقرأ أبو رجاء وعيسى الثقفي{عِفْرِيَةٌ} ورويت عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه. وفي الحديث : (إن الله يبغض العفرية النفرية). النفرية إتباع لعفرية. قال قتادة : هي الداهية قال النحاس : يقال للشديد إذا كان معه خبث ودهاء عفر وعفرية وعفريت وعفارية. وقيل {عفريت} أي رئيس. وقرأت فرقة {قال عِفْرٌ} بكسر العين؛ حكاه ابن عطية؛ قال النحاس : من قال عفرية جمعه على عفار، ومن قال : عفريت كان له في الجمع ثلاثة أوجه؛ إن شاء قال عفاريت، وإن شاء قال عَفار؛ لأن التاء زائدة؛ كما يقال : طواغ في جمع طاغوت، وإن شاء عوض من التاء ياء فقال عفاري. والعفريت من الشياطين القوي المارد. والتاء زائدة. وقد قالوا : تعفرت الرجل إذا تخلق بخلق الإذاية. وقال وهب بن منبه : اسم هذا العفريت كودن؛ ذكره النحاس. وقيل : ذكوان؛ ذكره السهيلي. وقال شعيب الجبائي : اسمه دعوان. وروي عن ابن عباس أنه صخر الجني. ومن هذا الاسم قول ذي الرمة : كأنه كوكب في إثر عفرية ** مصوب في سواد الليل منقضب وأنشد الكسائي : إذ قال شيطانهم العفريت ** ليس لكم ملك ولا تثبيت وفي الصحيح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن عفريتا من الجن جعل يفتك علي البارحة ليقطع علي الصلاة وإن الله أمكنني منه فدعته...) وذكر الحديث."" وفي البخاري"" (تفلت على البارحة) مكان (جعل يفتك)."" وفي الموطأ عن يحيى بن سعيد"" أنه قال : أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأى عفريتا من الجن يطلبه بشعلة من نار، كلما التفت رسول الله صلى الله عليه وسلم رآه؛ فقال جبريل : أفلا أعلمك كلمات تقولهن إذا قلتهن طفئت شعلته وخر لفيه؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (بلى) فقال : (أعوذ بالله الكريم وبكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما ينزل من السماء وشر ما يعرج فيها وشر ما ذرأ في الأرض، وشر ما يخرج منها ومن فتن الليل والنهار ومن طوارق الليل والنهار إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن) قوله تعالى: {أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك} يعني في مجلسه الذي يحكم فيه. {وإني عليه لقوي أمين} أي قوي على حمله. {أمين} على ما فيه. ابن عباس : أمين على فرج المرأة؛ ذكره المهدوي. فقال سليمان أريد أسرع من ذلك؛ فـ {قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك} أكثر المفسرين على أن الذي عنده علم من الكتاب آصف بن برخيا وهو من بني إسرائيل، وكان صديقا يحفظ اسم الله الأعظم الذي إذا سئل به أعطى، وإذا دعي به أجاب. وقالت عائشة رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم : (إن اسم الله الأعظم الذي دعا به آصف بن برخيا يا حي يا قيوم) قيل : وهو بلسانهم، أهيا شراهيا؛ وقال الزهري : دعاء الذي عنده اسم الله الأعظم؛ يا إلهنا وإله كل شيء إلها واحدا لا إله إلا أنت ايتني بعرشها؛ فمثل بين يديه. وقال مجاهد : دعا فقال : يا إلهنا وإله كل شيء يا ذا الجلال والإكرام. قال السهيلي : الذي عنده علم من الكتاب هو آصف بن برخيا ابن خالة سليمان، وكان عنده اسم الله الأعظم من أسماء الله تعالى. وقيل : هو سليمان نفسه؛ ولا يصح في سياق الكلام مثل هذا التأويل. قال ابن عطية وقالت فرقة هو سليمان عليه السلام، والمخاطبة في هذا التأويل للعفريت لما قال {أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك} كأن سليمان استبطأ ذلك فقال له على جهة تحقيره {أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك} واستدل قائلو هذه المقالة بقول سليمان {هذا من فضل ربي}. قلت : ما ذكره ابن عطية قال النحاس في معاني القرآن له، وهو قول حسن إن شاء الله تعالى. قال بحر : هو ملك بيده كتاب المقادير، أرسله الله عند قول العفريت. قال السهيلي : وذكر محمد بن الحسن المقرئ أنه ضبة بن أد؛ وهذا لا يصح البتة لأن ضبة هو ابن أد بن طابخة، واسمه عمرو بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد : ومعد كان في مدة بختنصر، وذلك بعد عهد سليمان بدهر طويل؛ فإذا لم يكن معد في عهد سليمان، فكيف ضبة بن أد وهو بعده بخمسة آباء؟! وهذا بين لمن تأمله. ابن لهيعة : هو الخضر عليه السلام. وقال ابن زيد : الذي عنده علم من الكتاب رجل صالح كان في جزيرة من جزائر البحر، خرج ذلك اليوم ينظر من ساكن الأرض؛ وهل يعبد الله أم لا؟ فوجد سليمان، فدعا باسم من أسماء الله تعالى فجيء بالعرش. وقول سابع : إنه رجل من بني إسرائيل اسمه يمليخا كان يعلم اسم الله الأعظم؛ ذكره القشيري. وقال ابن أبي بزة : الرجل الذي كان عنده علم من الكتاب اسمه أسطوم وكان عابدا في بني إسرائيل؛ ذكره الغزنوي. وقال محمد بن المنكدر : إنما هو سليمان عليه السلام؛ أما إن الناس يرون أنه كان معه اسم وليس ذلك كذلك؛ إنما كان رجل من بني إسرائيل عالم آتاه الله علما وفقها قال {أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك} قال : هات. قال : أنت نبي الله ابن نبي الله فإن دعوت الله جاءك به، فدعا الله سليمان فجاءه الله بالعرش. وقول ثامن : إنه جبريل عليه السلام؛ قاله النخعي، وروي عن ابن عباس. وعلم الكتاب على هذا علمه بكتب الله المنزلة، أو بما في اللوح المحفوظ. وقيل : علم كتاب سليمان إلى بلقيس. قال ابن عطية : والذي عليه الجمهور من الناس أنه رجل صالح من بني إسرائيل اسمه آصف بن برخيا؛ روي أنه صلى ركعتين، ثم قال لسليمان : يا نبي الله آمدد بصرك فمد بصره نحو اليمن فإذا بالعرش، فما رد سليمان بصره إلا وهو عنده. قال مجاهد : هو إدامة النظر حتى يرتد طرفه خاسئا حسيرا. وقيل : أراد مقدار ما يفتح عينه ثم يطرف، وهو كما تقول : افعل كذا في لحظة عين؛ وهذا أشبه؛ لأنه إن كان الفعل من سليمان فهو معجزة، وإن كان من آصف أو من غيره من أولياء الله فهي كرامة، وكرامة الولي معجزة النبي. قال القشيري : وقد أنكر كرامات الأولياء من قال إن الذي عنده علم من الكتاب هو سليمان، قال للعفريت {أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك}. وعند هؤلاء ما فعل العفريت فليس من المعجزات ولا من الكرامات، فإن الجن يقدرون على مثل هذا. ولا يقطع جوهر في حال واحدة مكانين، بل يتصور ذلك بأن يعدم الله الجوهر في أقصى الشرق ثم يعيده في الحالة الثانية، وهي الحالة التي بعد العدم في أقصى الغرب. أو يعدم الأماكن المتوسطة ثم يعيدها. قال القشيري : ورواه وهب عن مالك. وقد قيل : بل جيء به في الهواء؛ قاله مجاهد. وكان بين سليمان والعرش كما بين الكوفة والحيرة. وقال مالك : كانت باليمن وسليمان عليه السلام بالشام. وفي التفاسير انخرق بعرش بلقيس مكانه الذي هو فيه ثم نبع بين يدي سليمان؛ قال عبدالله بن شداد : وظهر العرش من نفق تحت الأرض؛ فالله أعلم أي ذلك كان. قوله تعالى: {فلما رآه مستقرا عنده} أي ثابتا عنده. {قال هذا من فضل ربي} أي هذا النصر والتمكين من فضل ربي. {ليبلوني} قال الأخفش : المعنى لينظر {أأشكر أم أكفر}وقال غيره : معنى {ليبلوني} ليتعبدني؛ وهو مجاز. والأصل في الابتلاء الاختبار أي ليختبرني أأشكر نعمته أم أكفرها {ومن شكر فإنما يشكر لنفسه} أي لا يرجع نفع ذلك إلا إلى نفسه، حيث استوجب بشكره تمام النعمة ودوامها والمزيد منها. والشكر قيد النعمة الموجودة، وبه تنال النعمة المفقودة. {ومن كفر} أي عن الشكر {فإن ربي غني كريم} في التفضل.
قال سليمان مخاطبًا من سَخَّرهم الله له من الجن والإنس: أيُّكم يأتيني بسرير ملكها العظيم قبل أن يأتوني منقادين طائعين؟
فقال لمن حضره من الجن والإنس: أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ أي: لأجل أن نتصرف فيه قبل أن يسلموا فتكون أموالهم محترمة.
( قال يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين ) أي : مؤمنين ، وقال ابن عباس : طائعين . واختلفوا في السبب الذي لأجله أمر سليمان بإحضار عرشها ، فقال أكثرهم : لأن سليمان علم أنها إن أسلمت يحرم عليه مالها ، فأراد أن يأخذ سريرها قبل أن يحرم عليه أخذه بإسلامها . وقيل : ليريها قدرة الله - عز وجل - وعظم سلطانه في معجزة يأتي بها في عرشها .
وقال قتادة : لأنه أعجبته صفته لما وصفه الهدهد ، فأحب أن يراه . قال ابن زيد : أراد أن يأمر بتنكيره وتغييره ليختبر بذلك عقلها .
(قالَ) الجملة مستأنفة (يا أَيُّهَا) نداء والجملة مقول القول (الْمَلَؤُا) بدل (أَيُّكُمْ) أي اسم استفهام مبتدأ (يَأْتِينِي) مضارع فاعله مستتر والياء مفعول به والجملة خبر (بِعَرْشِها) متعلقان بيأتيني (قَبْلَ) ظرف متعلق بالفعل (أَنْ) حرف ناصب (يَأْتُونِي) مضارع منصوب بحذف النون والنون للوقاية وفاعله ومفعوله وأن وما بعدها في تأويل مصدر في محل جر مضاف إليه (مُسْلِمِينَ) حال.
Traslation and Transliteration:
Qala ya ayyuha almalao ayyukum yateenee biAAarshiha qabla an yatoonee muslimeena
He said: O chiefs! Which of you will bring me her throne before they come unto me, surrendering?
Ey ulular dedi, onlar, bana teslim olup gelmeden onun tahtını kim getirebilir bana?
Il dit: «O notables! Qui de vous m'apportera son trône avant qu'ils ne viennent à moi soumis?»
Er sagte: "Ihr Entscheidungsträger! Wer von euch bringt mir ihren Thron, bevor sie zu mir als Muslime kommen?"
|
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة النمل (An-Naml - The Ant) |
ترتيبها |
27 |
عدد آياتها |
93 |
عدد كلماتها |
1165 |
عدد حروفها |
4679 |
معنى اسمها |
(النَّمْلُ): الْحَشَرَةُ المَعْرُوفَةُ، وَالْوَاحِدَةُ (نَمْلَةٌ) |
سبب تسميتها |
انْفِرَادُ السُّورَةِ بِذكر قِصَّةِ النَّمْلَةِ، وَدِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (النَّمْلِ)، وتُسَمَّى سُورَةَ (الهُدْهُدِ)، وَسُورَةَ (سُلَيمَانَ عليه السلام)، وَسُورَةَ: ﴿طسٓۚ﴾ |
مقاصدها |
ذِكْرُ نِعْمَةِ الرِّسَالَةِ عَلَى أَنْبِيَائِهِ سُبْحَانَهُ، وَمَا تَمَيَّزَ بِهِ كُلُّ نَبِيٍّ مِن مُعْجِزَاتٍ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ يُذكَرْ لَهَا سَبَبُ نُزُولٍ وَلا لِبَعضِ آياتِهَا |
فضلها |
لَمْ يَصِحَّ حَدِيثٌ أَوْ أَثَرٌ خَاصٌّ فِي فَضْلِ السُّورَةِ، سِوَى أَنـَّهَا مِنَ المَثَانِي |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (النَّمل) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنْ مُهِمَّةِ النَّبِيِّ ﷺ فِي تَبْلِيغِ القُرْآنِ الْكَرِيمِ، فَقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى ٱلۡقُرۡءَانَ مِن لَّدُنۡ حَكِيمٍ عَلِيمٍ ٦﴾، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿وَأَنۡ أَتۡلُوَاْ ٱلۡقُرۡءَانَۖ ...٩٢﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (النَّمْلِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (الشُّعَرَاءِ): خُتِمَتِ (الشُّعَراءُ) بِصِفَاتِ المُؤمِنِيْن؛ فَقَالَ: ﴿إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَذَكَرُواْ ٱللَّهَ كَثِيرٗا ...٢٢٧﴾، وافْتُتِحَتِ (النَّمْلُ) بِصِفَاتِهِمْ؛ فقال: ﴿ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُم بِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ يُوقِنُونَ ٣﴾. |