«ولا يملك الذين يدعون» يعبدون، أي الكفار «من دونه» أي من دون الله «الشفاعة» لأحد «إلا من شهد بالحق» أي قال: لا إله إلا الله «وهم يعلمون» بقلوبهم ما شهدوا به بألسنتهم، وهم عيسى وعزير والملائكة فإنهم يشفعون للمؤمنين.
وَتَبارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (85) وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (86) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (87)
(1) إشارة لأبي عبد اللّه المصنف : أتى بلفظ «وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ» فكان ظهوره بالهوية فيها ولم يقل «وهو الذي في الأرض إله» فناب عنه الخليفة فيها ، ولو أتى بالهوية ما عبد غير اللّه في الأرض كما لم يعبد في السماء إلا هو .
وهذه شهادة من اللّه في حق المشركين ، فهو تنبيه عجيب ، فما ذكروا قط إلا الألوهية ، وما ذكروا الأشخاص ، ولكن لم يقبل اللّه منهم العذر بل قال «فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ» .
------------
(87) الفتوحات ج 3 /
310 - ج 2 /
591
ثم قال تعالى : ( ولا يملك الذين يدعون من دونه ) أي : من الأصنام والأوثان ) الشفاعة ) أي : لا يقدرون على الشفاعة لهم ، ( إلا من شهد بالحق وهم يعلمون ) هذا استثناء منقطع ، أي : لكن من شهد بالحق على بصيرة وعلم ، فإنه تنفع شفاعته عنده بإذنه له .
فيه مسألتان: الأولى: قوله تعالى: {إلا من شهد بالحق} {من} في موضع الخفض. وأراد بـ {الذين يدعون من دونه} عيسى وعزيرا والملائكة. والمعنى ولا يملك هؤلاء الشفاعة إلا لمن شهد بالحق وآمن على علم وبصيرة؛ قال سعيد بن جبير وغيره. قال : وشهادة الحق لا إله إلا الله. وقيل: {من} في محل رفع؛ أي ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة؛ يعني الآلهة - في قول قتادة - أي لا يشفعون لعابديها إلا من شهد بالحق؛ يعني عزيرا وعيسى والملائكة فإنهم يشهدون بالحق والوحدانية لله. {وهم يعلمون} حقيقة ما شهدوا به. قيل : إنها نزلت بسبب أن النضر بن الحارث ونفرا من قريش قالوا : إن كان ما يقول محمد حقا فنحن نتولى الملائكة وهم أحق بالشفاعة لنا منه؛ فأنزل الله {ولا يملك الذين، يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق} أي اعتقدوا أن الملائكة أو الأصنام أو الجن أو الشياطين تشفع لهم ولا شفاعة لأحد يوم القيامة. {إلا من شهد بالحق} يعني المؤمنين إذا أذن لهم. قال ابن عباس: {إلا من شهد بالحق} أي شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. وقيل : أي لا يملك هؤلاء العابدون من دون الله أن يشفع لهم أحد إلا من شهد بالحق؛ فإن من شهد بالحق يشفع له ولا يشفع لمشرك. و{إلا} بمعنى لكن؛ أي لا ينال المشركون الشفاعة لكن ينال الشفاعة من شهد بالحق؛ فهو استثناء منقطع. ويجوز أن يكون متصلا؛ لأن في جملة {الذين يدعون من دونه} الملائكة. ويقال : شفعته وشفعت له؛ مثل كاته وكلت له. وقيل: {إلا من شهد بالحق} إلا من تشهد له الملائكة بأنه كان على الحق في الدنيا، مع علمهم بذلك منه بأن يكون الله أخبرهم به، أو بأن شاهدوه على الإيمان. الثانية قوله تعالى: {إلا من شهد بالحق وهم يعلمون} يدل على معنيين : أحدهما : أن الشفاعة بالحق غير نافعة إلا مع العلم، وأن التقليد لا يغني مع عدم العلم بصحة المقالة. والثاني : أن شرط سائر الشهادات في الحقوق وغيرها أن يكون الشاهد عالما بها. ونحوه ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم : (إذا رأيت مثل الشمس فاشهد وإلا فدع). وقد مضى في {البقرة}.
ولا يملك الذين يعبدهم المشركون الشفاعة عنده لأحد إلا مَن شهد بالحق، وأقر بتوحيد الله وبنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وهم يعلمون حقيقة ما أقروا وشهدوا به.
{ وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ } أي: كل من دعي من دون اللّه، من الأنبياء والملائكة وغيرهم، لا يملكون الشفاعة، ولا يشفعون إلا بإذن اللّه، ولا يشفعون إلا لمن ارتضى، ولهذا قال: { إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ } أي: نطق بلسانه، مقرا بقلبه، عالما بما شهد به، ويشترط أن تكون شهادته بالحق، وهو الشهادة للّه تعالى بالوحدانية، ولرسله بالنبوة والرسالة، وصحة ما جاءوا به، من أصول الدين وفروعه، وحقائقه وشرائعه، فهؤلاء الذين تنفع فيهم شفاعة الشافعين، وهؤلاء الناجون من عذاب اللّه، الحائزون لثوابه.
( ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق ) وهم عيسى وعزير والملائكة فإنهم عبدوا من دون الله ، ولهم الشفاعة ، وعلى هذا يكون " من " في محل الرفع ، وقيل : " من " في محل الخفض ، وأراد بالذين يدعون عيسى وعزيرا والملائكة ، يعني أنهم لا يملكون الشفاعة إلا من شهد بالحق ، والأول أصح ، وأراد بشهادة الحق قوله لا إله إلا الله كلمة التوحيد ( وهم يعلمون ) بقلوبهم ما شهدوا به بألسنتهم .
(وَلا) الواو حرف استئناف ولا نافية (يَمْلِكُ) مضارع (الَّذِينَ) فاعله والجملة مستأنفة (يَدْعُونَ) مضارع مرفوع والواو فاعله والجملة صلة (مِنْ دُونِهِ) متعلقان بيدعون (الشَّفاعَةَ) مفعول به (إِلَّا) حرف استثناء (مِنْ) مستثنى بإلا (شَهِدَ) ماض فاعله مستتر والجملة صلة (بِالْحَقِّ) متعلقان بالفعل (وَهُمْ) الواو حالية ومبتدأ (يَعْلَمُونَ) مضارع مرفوع والواو فاعله والجملة خبر المبتدأ والجملة الاسمية حال
Traslation and Transliteration:
Wala yamliku allatheena yadAAoona min doonihi alshshafaAAata illa man shahida bialhaqqi wahum yaAAlamoona
And those unto whom they cry instead of Him possess no power of intercession, saving him who beareth witness unto the Truth knowingly.
Ve ondan başkalarına tapanlar, şefaate nail olmazlar, ancak gerçeğe tanık olanlar müstesna ve onlar, gerçeği bilirler de.
Et ceux qu'ils invoquent en dehors de Lui n'ont aucun pouvoir d'intercession, à l'exception de ceux qui auront témoigné de la vérité en pleine connaissance de cause.
Und nicht verfügen diejenigen, an die sie anstelle von Ihm Bittgebete richten, über die Fürbitte außer denjenigen, die wahrheitsgemäß Zeugnis ablegen, während sie wissen.
|
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة الزخرف (Az-Zukhruf - The Ornaments of Gold) |
ترتيبها |
43 |
عدد آياتها |
89 |
عدد كلماتها |
837 |
عدد حروفها |
3508 |
معنى اسمها |
الزُّخْرُفُ: الذَّهَبُ، وَسُمِّيَتْ كُلُّ زِينَةٍ زُخْرُفًا، وَالمُرَادُ بِـ(الزُّخْرُفِ): زَخْرَفَةُ الْبَيْتِ وَزِيْنَتُهُ |
سبب تسميتها |
انْفِرَادُ السُّورَةِ بِمَعْنَى (الزُّخْرُفِ)(1)، وَدِلَالَةُ هَذَا الْاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (الزُّخْرُفْ)، وتُسَمَّى سُورَةَ (حَمْ الزُّخْرُف) |
مقاصدها |
بَيَانُ حَقِيقَةِ الدُّنْيَا وَمَتَاعِهَا الزَّائِلِ مُقَارَنَةً بِمَا أَعَدَّهُ اللهُ مِنْ نَعِيْمِ الآخِرَةِ لِلمُتَّقِينَ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَا يُوجَدُ سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، وَلَكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِها سَبَبُ نُزُولٍ |
فضلها |
هِيَ مِنْ ذَوَاتِ ﴿حمٓ ﴾، فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ رَجُلًا طَلَبَ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ أَنْ يُقْرِئَهُ القُرْآنَ، فَقَالَ: «اقْرَأْ ثَلاثًا مِنْ ذَوَاتِ ﴿حمٓ ﴾». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الزُّخْرُفِ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنْ الصَّفْحِ عَنِ الْكُفَارِ، فَقَالَ فِي أَوَّلِهَا: ﴿أَفَنَضۡرِبُ عَنكُمُ ٱلذِّكۡرَ صَفۡحًا أَن كُنتُمۡ قَوۡمٗا مُّسۡرِفِينَ ٥﴾، وَقالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿فَٱصۡفَحۡ عَنۡهُمۡ وَقُلۡ سَلَٰمٞۚ فَسَوۡفَ يَعۡلَمُونَ ٨٩﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الزُّخْرُفِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (الشُّورَى): خُتِمَتِ (الشُّورَى) بِذِكْرِ الْكِتَابِ الْكَرِيمِ؛ فَقَالَ: ﴿مَا كُنتَ تَدۡرِي مَا ٱلۡكِتَٰبُ وَلَا ٱلۡإِيمَٰنُ ...٥٢﴾، وَفُتِحَتِ (الزُّخْرُفُ) بِذِكْرِهِ، فَقَالَ: ﴿حمٓ ١ وَٱلۡكِتَٰبِ ٱلۡمُبِينِ ٢ إِنَّا جَعَلۡنَٰهُ قُرۡءَٰنًا عَرَبِيّٗا لَّعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ ٣﴾. |