موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


العلماء الذين يكفّرون ابن العربي

وكما رأينا من قبل فإن الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي رضي الله عنه قد نبّأه الله تعالى في الواقعة عندما قيل له: "أدخل مقام إبراهيم"، فقال: "فعلمت أن الله تعالى لا بدّ أن يبتليني بكلام في عرضي من أشخاص فأعاملهم مع القدرة عليهم بالحلم عنهم ويكون أذى كثير"،[1] فحصل بعض ذلك في حياته وبعضه بعد وفاته حيث أنكر عليه الكثير من علماء المسلمين ومنهم من كفّره ووصفه بعبارات لا تليق بالمسلمين. وكان من أبرز الذين أنكروا عليه الشيخ برهان الدين البقاعي رحمه الله وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى وغفر لهم، ولقد بالغ ابن المقري في "روض الطالب" فقال إن الشك في كُفر طائفة ابن عربي كُفر.[2]

ولقد رأينا أعلاه وفي المقدمة أنه في الحقيقة يقوم مثل هؤلاء العلماء بدور إيجابي كبير في حماية المسلمين وخاصة الشباب منهم الذين لا يستطيعون التصدّي للعلوم النظرية والفلسفة التي تحتاج إلى عقلٍ ناقدٍ متوقّدٍ وقلبٍ مؤمنٍ مسلّمٍ، فإنّ من ليس عنده مثل هذا الإيمان القويّ قد يتضرّر من قراءة بعض كتب الشيخ الأكبر لما فيها من الحقائق التي لا يتحملها عقله لأنها خارجة عن المألوف مع أنها من صميم القرآن الكريم. فتكفير ابن العربي وأمثاله، وإن كان شرّاً، فهو خيرٌ من الخروج عن الإسلام بسبب ما جاء في كتبه. ولقد ذكرنا أيضاً أن مثل هذه الأقوال التكفيريّة لا تضرّ من عنده قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، فمن عنده مثل هذه الملكات فلا يهمّه الخوض في أي علم شاء طالما أنه لن يزول عن برّ الأمان الذي هو الإيمان والتسليم لما في كتاب الله تعالى وسنّة نبيّه صلّى الله عليه وسلّم، وأمّا من ليس لديه إيمان قويّ فإنّه يُخشى عليه حتّى من قراءة القرآن الكريم إذا أراد أن يأخذ الأشياء بالعقل فقط.

وعلى كل حال فليهنأ هؤلاء العلماء الذي أساؤوا للشيخ محي الدين رضي الله عنه حيث أنه قد صرّح بالعفو عن جميع من أساء إليه فلا يطالبه بشيء لا في الدنيا ولا في الآخرة، وأشهدَ الله على ذلك كما رأينا أعلاه.

ومن أوائل العلماء الذين كفّروا الشيخ محي الدين ابن العربي وانتقدوه وحاولوا تبيين فساد أقواله وخروجها عن الإسلام شيخ الإسلام ابن تيميّة الذي ألّف في ذلك العديد من الكتب والرسائل، وكذلك فعل الشيخ برهان الدين البقاعي صاحب كتاب "تنبيه الغبي بتكفير عمر بن الفارض وابن عربي"، ثم نحا نحوهما العديد من العلماء والفقهاء. وسوف نقدّم البقاعي بالذكر رغم تأخره بالزمان عن ابن تيميّة لأنه أخذ عنه أكثر ادّعاءاته وحتى نفرّغ بقيّة الكتاب لذكر النقاط التي اعترض عليها شيخ الإسلام.



[1] الفتوحات المكية: ج1ص722.

[2] ابن المقري (755/1354-837/1434) هو شرف الدين أبو محمد إسماعيل بن أبي بكر بن عبد الله المقري من أهل اليمن، فقيه شافعي، كان محققاً باحثاً مدققاً مشاركاً في كثير من العلوم. انظر: "الضوء اللامع": ج2ص292، ومعجم المطبوعات العربية والمعربة: ص248، ومعجم المؤلفين: ج2ص262.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!