المنقذ من الضلال والموصل إلى ذي العزة والجلال
تأليف الشيخ الإمام حجة الإسلام أبي حامد الغزالي
![]() |
![]() |
والصنف الثاني: الطبيعيون:-
وهم قوم أكثروا بحثهم عن عالم الطبيعة ، وعن عجائب الحيوان والنبات ، وأكثروا الخوض في علم تشريح أعضاء الحيوانات ، فرأوا فيها من عجائب صنع الله تعالى وبدائع حكمته ، مم اضطروا معه إلى الاعتراف بفاطر حكيم ، مطلع على غايات الأمور ومقاصدها. ولا يطالع التشريح وعجائب منافع الأعضاء مطالع ، إلا ويحصل له هذا العلم الضروري بكمال تدبير الباني لبنية الحيوان ؛ لا سيما بنية الإنسان. إلا أن هؤلاء ، لكثرة بحثهم عن الطبيعة ، ظهر عندهم - لاعتدال المزاج - تأثير عظيم في قوام قوى الحيوان بـه. فظنو أن القوة العاقلة من الإنسان تابعة لمزاجه أيضاً ، وأنـها تبطل ببطلان مزاجه فتنعدم. ثم إذا انعدمت ، فلا يعقل إعادة المعدوم كما زعموا. فذهبوا إلى أن النفس تموت ولا تعود ، فجحدوا الآخرة ، وأنكروا الجنة والنار ، [ والحشر والنشر ] ، والقيامة والحساب ، فلم يبق عندهم للطاعة ثواب ، ولا للمعصية عقاب ، فانحل عنهم اللجام وأنـهمكوا في الشهوات أنـهماك الأنعام.
وهؤلاء أيضاً زنادقة لأن أصل الإيمان هو الإيمان بالله واليوم الآخر. وهؤلاء جحدوا اليوم الآخر ، وإن آمنو بالله وصفاته.
![]() |
![]() |






