موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المنقذ من الضلال والموصل إلى ذي العزة والجلال

تأليف الشيخ الإمام حجة الإسلام أبي حامد الغزالي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


1 - أما الآفة التي في حق الراد فعظيمة:

 إذ ظنت طائفة من الضعفاء أن ذلك الكلام إذ كان مُدوَّناً في كتبهم ، وممزوجاً بباطلهم ، ينبغي أن يُهجر ولا يُذكر بل يُنكر على [ كل ] من يذكره ، إذ لم يسمعوه أولاً إلا منهم ، فسبق إلى عقولهم الضعيفة أنه باطل ، لأن قائله مُبطل ؛ كالذي يسمع من النصراني قوله: (( لا إله إلا الله عيسى رسول الله )) فينكره ويقول: (( هذا كلام النصارى )) ولا يتوقف ريثما يتأمل أن النصراني كافر باعتبار هذا القول ، أو باعتبار إنكاره نبوة محمد عليه الصلاة والسلام!؟ فإن لم يكن كافراً إلا باعتبار إنكاره ، فلا ينبغي أن يخالف في غير م هو به كافر مما هو حق في نفسه ، وإن كان أيضاً حقاً عنده. وهذه عادة ضعفاء العقول ، يعرفون الحق بالرجال ، لا الرجال بالحق. والعاقل يقتدي بسيد العقلاء علي ، رضي الله عنه حيث قال: (( لا تعرف الحق بالرجال ( بل ) اعرف الحق تعرف أهله )) و ( العارف ) العاقل يعرف الحق ، ثم ينظر في نفس القول: فإن كان حقاً ، قبله سواء كان قائله مبطلاً أو محقاً ؛ بل ربما يحرص على انتزاع الحق من أقاويل أهل الضلال ، عالماً بأن معدن الذهب الرغام. ولا بأس على الصراف إن أدخل يده في كيس القلاب ، وانتزع الإبريز الخالص من الزيف والبهرج ، مهما كان واثقاً ببصيرته ؛ وانما يزجر عن معاملة القلاب القرويُّ ، دون الصيرفي ( البصير ) ؛ ويمنع من ساحل البحر الأخرقُ ، دون السباح الحاذق ؛ ويُصد عن مس الحية الصبي دون المعزِّم البارع.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!