
المنقذ من الضلال والموصل إلى ذي العزة والجلال
تأليف الشيخ الإمام حجة الإسلام أبي حامد الغزالي
![]() |
![]() |
ودمت على ذلك مقدار عشر سنين ؛
وانكشفت لي في أثناء هذه الخلوات أمور لا يمكن إحصاؤها واستقصاؤها ، والقدر الذي أذكره لينتفع به: إني علمت يقيناً أن الصوفية هم السالكون لطريق الله ( تعالى ) خاصة ، وأن سيرتهم أحسن السير ، وطريقهم أصوب الطرق ، وأخلاقهم أزكى الأخلاق. بل لو جُمع عقل العقلاء ، وحكمة الحكماء ، وعلم الواقفين على أسرار الشرع من العلماء ، ليغيروا شيئاً من سيرهم وأخلاقهم ، ويبدلوه بما هو خير منه ، لم يجدوا إليه سبيلاً. فإن جميع حركاتـهم وسكناتـهم ، في ظاهرهم وباطنهم ، مقتبسة من ( نور ) مشكاة النبوة ؛ وليس وراء نور النبوة على وجه الأرض نور يستضاء به.
وبالجملة ، فماذا يقول القائلون في طريقة ، طهارتـها - وهي أول شروطها - تطهير القلب بالكلية عما سوى الله ( تعالى ) ، ومفتاحها الجاري منها مجرى التحريم من الصلاة ، استغراق القلب بالكلية بذكر الله ، وآخرها الفناء بالكلية في الله؟ وهذا آخرها بالإضافة إلى ما يكاد يدخل تحت الاختيار والكسب من أوائلها. وهي على التحقيق أول الطريقة ، وم قبل ذلك كالدهليز للسالك إليه.
![]() |
![]() |