موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح مسلم) - [الحديث رقم: (234)]

البخاري
مسلم
أبو داود
الترمذي
النسائي
ابن ماجة
الدارمي
الموطأ
المسند

(صحيح مسلم) - [الحديث رقم: (234)]

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ‏ ‏أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ وَهُوَ دَابَّةٌ أَبْيَضُ طَوِيلٌ فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ يَضَعُ حَافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ قَالَ فَرَكِبْتُهُ حَتَّى أَتَيْتُ ‏ ‏بَيْتَ الْمَقْدِسِ ‏ ‏قَالَ فَرَبَطْتُهُ بِالْحَلْقَةِ الَّتِي يَرْبِطُ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ قَالَ ثُمَّ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَصَلَّيْتُ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ خَرَجْتُ فَجَاءَنِي ‏ ‏جِبْرِيلُ ‏ ‏عَلَيْهِ السَّلَام ‏ ‏بِإِنَاءٍ مِنْ خَمْرٍ وَإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ فَاخْتَرْتُ اللَّبَنَ فَقَالَ ‏ ‏جِبْرِيلُ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏اخْتَرْتَ الْفِطْرَةَ ثُمَّ ‏ ‏عَرَجَ ‏ ‏بِنَا إِلَى السَّمَاءِ فَاسْتَفْتَحَ ‏ ‏جِبْرِيلُ ‏ ‏فَقِيلَ مَنْ أَنْتَ قَالَ ‏ ‏جِبْرِيلُ ‏ ‏قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قَالَ ‏ ‏مُحَمَّدٌ ‏ ‏قِيلَ وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ قَالَ قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ فَفُتِحَ لَنَا فَإِذَا أَنَا ‏ ‏بِآدَمَ ‏ ‏فَرَحَّبَ بِي وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ فَاسْتَفْتَحَ ‏ ‏جِبْرِيلُ ‏ ‏عَلَيْهِ السَّلَام ‏ ‏فَقِيلَ مَنْ أَنْتَ قَالَ ‏ ‏جِبْرِيلُ ‏ ‏قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قَالَ ‏ ‏مُحَمَّدٌ ‏ ‏قِيلَ وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ قَالَ قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ فَفُتِحَ لَنَا فَإِذَا أَنَا بِابْنَيْ الْخَالَةِ ‏ ‏عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ‏ ‏وَيَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّاءَ ‏ ‏صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا فَرَحَّبَا وَدَعَوَا لِي بِخَيْرٍ ثُمَّ عَرَجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ فَاسْتَفْتَحَ ‏ ‏جِبْرِيلُ ‏ ‏فَقِيلَ مَنْ أَنْتَ قَالَ ‏ ‏جِبْرِيلُ ‏ ‏قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قَالَ ‏ ‏مُحَمَّدٌ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قِيلَ وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ قَالَ قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ فَفُتِحَ لَنَا فَإِذَا أَنَا ‏ ‏بِيُوسُفَ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏إِذَا هُوَ قَدْ أُعْطِيَ ‏ ‏شَطْرَ ‏ ‏الْحُسْنِ فَرَحَّبَ وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ فَاسْتَفْتَحَ ‏ ‏جِبْرِيلُ ‏ ‏عَلَيْهِ السَّلَام ‏ ‏قِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ ‏ ‏جِبْرِيلُ ‏ ‏قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قَالَ ‏ ‏مُحَمَّدٌ ‏ ‏قَالَ وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ قَالَ قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ فَفُتِحَ لَنَا فَإِذَا أَنَا ‏ ‏بِإِدْرِيسَ ‏ ‏فَرَحَّبَ وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ‏ { ‏وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا ‏} ‏ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ فَاسْتَفْتَحَ ‏ ‏جِبْرِيلُ ‏ ‏قِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ ‏ ‏جِبْرِيلُ ‏ ‏قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قَالَ ‏ ‏مُحَمَّدٌ ‏ ‏قِيلَ وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ قَالَ قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ فَفُتِحَ لَنَا فَإِذَا أَنَا ‏ ‏بِهَارُونَ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَرَحَّبَ وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ فَاسْتَفْتَحَ ‏ ‏جِبْرِيلُ ‏ ‏عَلَيْهِ السَّلَام ‏ ‏قِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ ‏ ‏جِبْرِيلُ ‏ ‏قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قَالَ ‏ ‏مُحَمَّدٌ ‏ ‏قِيلَ وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ قَالَ قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ فَفُتِحَ لَنَا فَإِذَا أَنَا ‏ ‏بِمُوسَى ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَرَحَّبَ وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ ثُمَّ عَرَجَ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ فَاسْتَفْتَحَ ‏ ‏جِبْرِيلُ ‏ ‏فَقِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ ‏ ‏جِبْرِيلُ ‏ ‏قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قَالَ ‏ ‏مُحَمَّدٌ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قِيلَ وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ قَالَ قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ فَفُتِحَ لَنَا فَإِذَا أَنَا ‏ ‏بِإِبْرَاهِيمَ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إِلَى ‏ ‏الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ ‏ ‏وَإِذَا هُوَ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ لَا يَعُودُونَ إِلَيْهِ ثُمَّ ذَهَبَ بِي إِلَى السِّدْرَةِ الْمُنْتَهَى وَإِذَا وَرَقُهَا كَآذَانِ الْفِيَلَةِ وَإِذَا ثَمَرُهَا كَالْقِلَالِ قَالَ فَلَمَّا ‏ ‏غَشِيَهَا ‏ ‏مِنْ أَمْرِ اللَّهِ مَا غَشِيَ تَغَيَّرَتْ فَمَا أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ يَسْتَطِيعُ أَنْ ‏ ‏يَنْعَتَهَا ‏ ‏مِنْ حُسْنِهَا فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيَّ مَا أَوْحَى فَفَرَضَ عَلَيَّ خَمْسِينَ صَلَاةً فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَنَزَلْتُ إِلَى ‏ ‏مُوسَى ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَقَالَ مَا فَرَضَ رَبُّكَ عَلَى أُمَّتِكَ قُلْتُ خَمْسِينَ صَلَاةً قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا يُطِيقُونَ ذَلِكَ فَإِنِّي قَدْ ‏ ‏بَلَوْتُ ‏ ‏بَنِي إِسْرَائِيلَ ‏ ‏وَخَبَرْتُهُمْ قَالَ فَرَجَعْتُ إِلَى رَبِّي فَقُلْتُ يَا رَبِّ خَفِّفْ عَلَى أُمَّتِي فَحَطَّ عَنِّي خَمْسًا فَرَجَعْتُ إِلَى ‏ ‏مُوسَى ‏ ‏فَقُلْتُ حَطَّ عَنِّي خَمْسًا قَالَ إِنَّ أُمَّتَكَ لَا يُطِيقُونَ ذَلِكَ فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ قَالَ فَلَمْ أَزَلْ أَرْجِعُ بَيْنَ رَبِّي تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَبَيْنَ ‏ ‏مُوسَى ‏ ‏عَلَيْهِ السَّلَام ‏ ‏حَتَّى قَالَ يَا ‏ ‏مُحَمَّدُ ‏ ‏إِنَّهُنَّ خَمْسُ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لِكُلِّ صَلَاةٍ عَشْرٌ فَذَلِكَ خَمْسُونَ صَلَاةً وَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشْرًا وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا لَمْ تُكْتَبْ شَيْئًا فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ سَيِّئَةً وَاحِدَةً قَالَ فَنَزَلْتُ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى ‏ ‏مُوسَى ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَقُلْتُ قَدْ رَجَعْتُ إِلَى رَبِّي حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ ‏


‏ ‏قَوْلُ مُسْلِمٍ : ( حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ البُنَانِيُّ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ) ‏ ‏هَذَا الْإِسْنَادُ كُلُّهُ بَصْرِيُّونَ , وَ ( فَرُّوخُ) عَجَمِيٌّ لَا يَنْصَرِفُ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ مَرَّاتٍ , وَ ( الْبُنَانِيُّ ) بِضَمِّ الْبَاءِ مَنْسُوبٌ إِلَى بُنَانَةَ قَبِيلَةٌ مَعْرُوفَةٌ. ‏ ‏قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ ) ‏ ‏هُوَ بِضَمِّ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ. قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الْبُرَاقُ اسْمُ الدَّابَّةِ الَّتِي رَكِبَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ. قَالَ الزَّبِيدِيُّ فِي مُخْتَصَرِ الْعَيْنِ , وَصَاحِبُ التَّحْرِيرِ : هِيَ دَابَّةٌ كَانَ الْأَنْبِيَاءُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ يَرْكَبُونَهَا. وَهَذَاالَّذِي قَالَاهُ مِنْ اشْتِرَاكِ جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ فِيهَا يَحْتَاجُ إِلَى نَقْلٍ صَحِيحٍ. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ : اشْتِقَاقُ الْبُرَاقِ مِنْ الْبَرْقِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى يَعْنِي لِسُرْعَتِهِ. وَقِيلَ : سُمِّيَ بِذَلِكَ لِشِدَّةِ صَفَائِهِ وَتَلَأْلُئِهِ وَبَرِيقِهِ , وَقِيلَ : لِكَوْنِهِ أَبْيَضَ. وَقَالَ الْقَاضِي : يَحْتَمِلُ أَنَّهُ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِكَوْنِهِ ذَا لَوْنَيْنِ يُقَالُ شَاةٌ بَرْقَاءُ إِذَا كَانَ فِي خِلَالِ صُوفِهَا الْأَبْيَضِ طَاقَاتٌ سُودٌ. قَالَ : وَوُصِفَ فِي الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ أَبْيَضُ وَقَدْ يَكُونُ مِنْ نَوْعِ الشَّاةِ الْبَرْقَاءِ وَهِيَ مَعْدُودَةٌ فِي الْبِيضِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. ‏ ‏قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَرَكِبْتُهُ حَتَّى أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَرَبَطْتُهُ بِالْحَلَقَةِ الَّتِي تَرْبَطُ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ‏ ‏أَمَّا بَيْتُ الْمَقْدِسِ فَفِيهِ لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ غَايَةَ الشُّهْرَةِ إِحْدَاهُمَا بِفَتْحِ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الْقَافِ وَكَسْرِ الدَّالِ الْمُخَفَّفَةِ , وَالثَّانِيَةُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَالدَّالِ الْمُشَدَّدَةِ. قَالَ الْوَاحِدِيّ : أَمَّا مَنْ شَدَّدَهُ فَمَعْنَاهُ الْمُطَهَّرُ , وَأَمَّا مَنْ خَفَّفَهُ فَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ : لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا أَوْ مَكَانًا فَإِنْ كَانَ مَصْدَرًا كَانَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى { إِلَيْهُ مَرْجِعُكُمْ } وَنَحْوِهِ مِنْ الْمَصَادِرِ وَإِنْ كَانَ مَكَانًا فَمَعْنَاهُ بَيْتُ الْمَكَانِ : الَّذِي جُعِلَ فِيهِ الطَّهَارَةُ , أَوْ بَيْتُ مَكَانِ الطَّهَارَةِ , وَتَطْهِيرُهُ إِخْلَاؤُهُ مِنْ الْأَصْنَامِ وَإِبْعَادُهُ مِنْهَا. وَقَالَ الزَّجَّاجُ الْبَيْتُ الْمُقَدَّسُ الْمُطَهَّرُ وَبَيْتُ الْمَقْدِسِ أَيْ الْمَكَانُ الَّذِي يُطَهَّرُ فِيهِ مِنْ الذُّنُوبِ وَيُقَالُ فِيهِ أَيْضًا إِيلْيَاءُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. ‏ ‏وَأَمَّا ( الْحَلْقَةُ ) فَبِإِسْكَانِ اللَّامِ عَلَى اللُّغَةِ الْفَصِيحَةِ الْمَشْهُورَةِ. وَحَكَى الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ فَتْحَ اللَّامِ أَيْضًا. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ : حَكَى يُونُسُ عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ ( حَلَقَةٌ ) بِالْفَتْحِ وَجَمْعُهَا حَلَقٌ وَحَلَقَاتٌ. وَأَمَّا عَلَى لُغَةِ الْإِسْكَانِ فَجَمْعُهَا حَلَقٌ وَحِلَقٌ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا. ‏ ‏وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْحَلَقَةُ الَّتِي يَرْبِطُ بِهِ ) فَكَذَا هُوَ فِي الْأُصُولِ ( بِهِ ) بِضَمِيرِ الْمُذَكَّرِ أَعَادَهُ عَلَى مَعْنَى الْحَلَقَةِ وَهُوَ الشَّيْءُ قَالَ صَاحِبُ التَّحْرِيرِ : الْمُرَادُ حَلَقَةُ بَابِ مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. ‏ ‏وَفِي رَبْطِ الْبُرَاقِ الْأَخْذُ بِالِاحْتِيَاطِ فِي الْأُمُورِ وَتَعَاطِي الْأَسْبَابِ وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يَقْدَحُ فِي التَّوَكُّلِ إِذَا كَانَ الِاعْتِمَادُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. ‏ ‏وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَجَاءَنِي جِبْرِيلُ بِإِنَاءٍ مِنْ خَمْرٍ وَإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ فَاخْتَرْتُ اللَّبَنَ فَقَالَ جِبْرِيلُ : اخْتَرْتَ الْفِطْرَةَ ) ‏ ‏هَذَا اللَّفْظُ وَقَعَ مُخْتَصَرًا هُنَا وَالْمُرَادُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِيلَ لَهُ : اخْتَرْ أَيَّ الْإِنَاءَيْنِ شِئْتَ كَمَا جَاءَ مُبَيَّنًا بَعْدَ هَذَا فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ , فَأُلْهِمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اخْتِيَارَ اللَّبَنِ. ‏ ‏وَقَوْلُهُ : ( اخْتَرْتَ الْفِطْرَةَ ) فَسَّرُوا الْفِطْرَةَ هُنَا بِالْإِسْلَامِ وَالِاسْتِقَامَةِ وَمَعْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ اخْتَرْتَ عَلَامَةَ الْإِسْلَامِ وَالِاسْتِقَامَةِ. وَجُعِلَ اللَّبَنُ عَلَامَةً لِكَوْنِهِ سَهْلًا طَيِّبًا طَاهِرًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ سَلِيمَ الْعَاقِبَةِ. وَأَمَّا الْخَمْرُ فَإِنَّهَا أُمُّ الْخَبَائِثِ , وَجَالِبَةٌ لِأَنْوَاعٍ مِنْ الشَّرِّ فِي الْحَالِ وَالْمَآلِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. ‏ ‏قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقِيلَ لَهُ : مَنْ أَنْتَ ؟ قَالَ : جِبْرِيلُ. قِيلَ : وَمَنْ مَعَكَ ؟ قَالَ : مُحَمَّدٌ. قِيلَ : وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ قَالَ : قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ ) ‏ ‏أَمَّا قَوْلُهُ عَرَجَ فَبِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالرَّاءِ أَيْ صَعِدَ وَقَوْلُهُ ( جِبْرِيلُ ) فِيهِ بَيَانُ الْأَدَبِ فِيمَنْ اسْتَأْذَنَ بِدَقِّ الْبَابِ وَنَحْوِهِ فَقِيلَ لَهُ مَنْ أَنْتَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ : زَيْدٌ مَثَلًا إِذَا كَانَ اسْمُهُ زَيْدًا وَلَا يَقُولُ : أَنَا فَقَدْ جَاءَ الْحَدِيثُ بِالنَّهْيِ عَنْهُ وَلِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ. ‏ ‏وَأَمَّا قَوْلُ بَوَّابِ السَّمَاءِ : ( وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ ؟ ) فَمُرَادُهُ وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ لِلْإِسْرُاِء وَصُعُودِ السَّمَوَاتِ ؟ وَلَيْسَ مُرَادُهُ الِاسْتِفْهَامَ عَنْ أَصْلِ الْبَعْثَةِ وَالرِّسَالَة فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ إِلَى هَذِهِ الْمُدَّةِ فَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فِي مَعْنَاهُ. وَلَمْ يَذْكُرْ الْخَطَّابِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ غَيْرُهُ وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي قَدْ ذَكَرَ خِلَافًا أَوْ أَشَارَ إِلَى خِلَافٍ فِي أَنَّهُ اسْتَفْهَمَ عَنْ أَصْلِ الْبَعْثَةِ أَوْ عَمَّا ذَكَرْتُهُ. قَالَ الْقَاضِي وَفِي هَذَا أَنَّ لِلسَّمَاءِ أَبْوَابًا حَقِيقَةً وَحَفَظَةً مُوَكَّلِينَ بِهَا وَفِيهِ إِثْبَاتُ الِاسْتِئْذَانِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. ‏ ‏قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَإِذَا أَنَا بِآدَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَحَّبَ بِي وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ ) ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ ( فَإِذَا أَنَا بِابْنَيِ الْخَالَةِ فَرَحَّبَا بِي وَدَعَوَا ) وَذَكَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَاقِي الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ نَحْوَهُ ‏ ‏فِيهِ اسْتِحْبَابُ لِقَاءِ أَهْلِ الْفَضْلِ بِالْبِشْرِ وَالتَّرْحِيبِ وَالْكَلَامِ الْحَسَنِ وَالدُّعَاءِ لَهُمْ وَإِنْ كَانُوا أَفْضَلَ مِنْ الدَّاعِي. ‏ ‏وَفِيهِ جَوَازُ مَدْحِ الْإِنْسَانِ فِي وَجْهِهِ إِذَا أُمِنَ عَلَيْهِ الْإِعْجَابُ وَغَيْرُهُ مِنْ أَسْبَابِ الْفِتْنَةِ. ‏ ‏وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَإِذَا أَنَا بِابْنَيْ الْخَالَةِ ) ‏ ‏قَالَ الْأَزْهَرِيُّ : قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ : يُقَالُ : هُمَا ابْنَا عَمٍّ , وَلَا يُقَالُ ابْنَا خَالٍ. وَيُقَالُ : ابْنَا خَالَةٍ , وَلَا يُقَالُ : ابْنَا عَمَّةٍ. ‏ ‏وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَإِذَا أَنَا بِإِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إِلَى الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ ) ‏ ‏قَالَ الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّهُ يُسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ الِاسْتِنَادِ إِلَى الْقِبْلَةِ وَتَحْوِيلِ الظَّهْرِ إِلَيْهَا. ‏ ‏قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( ثُمَّ ذَهَبَ بِي إِلَى السِّدْرَةِ الْمُنْتَهَى ) ‏ ‏هَكَذَا وَقَعَ فِي الْأُصُولِ ( السِّدْرَةُ ) بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ , وَفِي الرِّوَايَاتِ بَعْدَ هَذَا سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْمُفَسِّرُونَ وَغَيْرُهُمْ : سُمِّيَتْ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى لِأَنَّ عِلْمَ الْمَلَائِكَةِ يَنْتَهِي إِلَيْهَا وَلَمْ يُجَاوِزْهَا أَحَدٌ إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَحُكِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِكَوْنِهَا يَنْتَهِي إِلَيْهَا مَا يَهْبِطُ مِنْ فَوْقِهَا وَمَا يَصْعَدُ مِنْ تَحْتِهَا مِنْ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى. ‏ ‏وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَإِذَا ثَمَرُهَا كَالْقِلَالِ ) ‏ ‏هُوَ بِكَسْرِ الْقَافِ جَمْعُ قُلَّةٍ وَالْقُلَّةُ جَرَّةٌ عَظِيمَةٌ تَسَعُ قِرْبَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ. ‏ ‏قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَرَجَعْتُ إِلَى رَبِّي ) ‏ ‏مَعْنَاهُ رَجَعْتُ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي نَاجَيْتُهُ مِنْهُ أَوَّلًا فَنَاجَيْتُهُ فِيهِ ثَانِيًا. ‏ ‏وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَلَمْ أَزَلْ أَرْجِعُ بَيْنَ رَبِّي تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَبَيْنَ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) ‏ ‏مَعْنَاهُ بَيْنَ مَوْضِعِ مُنَاجَاةِ رَبِّي. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. ‏ ‏قَوْلُهُ عَقِبَ هَذَا الْحَدِيثِ : ( قَالَ الشَّيْخُ أَبُو أَحْمَدَ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْمَاسَرْجِسِيُّ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ بِهَذَا الْحَدِيثِ ) أَبُو أَحْمَدَ هَذَا هُوَ الْجُلُودِيّ رَاوِي الْكِتَابِ عَنْ ابْنِ سُفْيَانَ عَنْ مُسْلِمٍ وَقَدْ عَلَا لَهُ هَذَا الْحَدِيثُ بِرَجُلٍ فَإِنَّهُ رَاَهُ أَوَّلًا عَنْ ابْنِ سُفْيَانَ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ شَيْبَانَ بْنِ فَرُّوخ ثُمَّ رَوَاهُ عَنْ الْمَاسَرْجِسِيّ عَنْ شَيْبَانَ وَاسْمُ الْمَاسَرْجِسِيّ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ النَّيْسَابُورِيّ وَهُوَ بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَكَسْرِ الْجِيمِ وَهُوَ مَنْسُوبٌ إِلَى جَدِّهِ مَاسَرْجَس. وَهَذِهِ الْفَائِدَةُ وَهِيَ قَوْلُهُ : قَالَ الشَّيْخُ أَبُو أَحْمَدَ إِلَى آخِرِهِ تَقَعُ فِي بَعْضِ الْأُصُولِ فِي الْحَاشِيَةِ وَفِي أَكْثَرِهَا فِي نَفْسِ الْكِتَابِ وَكِلَاهُمَا لَهُ وَجْهٌ. فَمَنْ جَعَلَهَا فِي الْحَاشِيَةِ فَهُوَ الظَّاهِرُ الْمُخْتَارُ لِكَوْنِهَا لَيْسَتْ مِنْ كَلَامِ مُسْلِمٍ وَلَا مِنْ كِتَابِهِ فَلَا يَدْخُلُ فِي نَفْسِهِ إِنَّمَا هِيَ فَائِدَةٌ فَشَأْنُهَا أَنْ تُكْتَبَ فِي الْحَاشِيَةِ وَمَنْ أَدْخَلَهَا مِنْ الْكِتَابِ فَلِكَوْنِ الْكِتَابِ مَنْقُولًا عَنْ عَبْدِ الْغَافِرِ الْفَارِسِيِّ عَنْ شَيْخِهِ الْجُلُودِيّ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخِ الْجُلُودِيّ فَنَقَلَهَا عَبْدُ الْغَافِرِ فِي نَفْسِ الْكِتَابِ لِكَوْنِهَا مِنْ جُمْلَةِ الْمَأْخُوذِ عَنْ الْجُلُودِيِّ , مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ لَبْسٌ وَلَا إِيهَامٌ أَنَّهَا مِنْ أَصْلِ مُسْلِمٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. ‏



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!