موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح مسلم) - [الحديث رقم: (95)]

البخاري
مسلم
أبو داود
الترمذي
النسائي
ابن ماجة
الدارمي
الموطأ
المسند

(صحيح مسلم) - [الحديث رقم: (95)]

‏ ‏حَدَّثَنِي ‏ ‏عَمْرٌو النَّاقِدُ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ ‏ ‏أَخْبَرَنَا ‏ ‏خَالِدٌ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي عُثْمَانَ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏لَمَّا ادُّعِيَ ‏ ‏زِيَادٌ ‏ ‏لَقِيتُ ‏ ‏أَبَا بَكْرَةَ ‏ ‏فَقُلْتُ لَهُ مَا هَذَا الَّذِي صَنَعْتُمْ إِنِّي ‏ ‏سَمِعْتُ ‏ ‏سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ ‏ ‏يَقُولُا ‏ ‏سَمِعَ أُذُنَايَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏وَهُوَ يَقُولُ ‏ ‏مَنْ ادَّعَى أَبًا فِي الْإِسْلَامِ غَيْرَ أَبِيهِ يَعْلَمُ أَنَّهُ غَيْرُ أَبِيهِ فَالْجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ ‏ ‏فَقَالَ ‏ ‏أَبُو بَكْرَةَ ‏ ‏وَأَنَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏


‏ ‏قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ اِدَّعَى أَبًا فِي الْإِسْلَام غَيْر أَبِيهِ , يَعْلَم أَنَّهُ غَيْر أَبِيهِ , فَالْجَنَّة عَلَيْهِ حَرَامٌ ) ‏ ‏فَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي الْبَاب الَّذِي قَبْل هَذَا. ‏ ‏أَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "" فَالْجَنَّة عَلَيْهِ حَرَامٌ "" فَفِيهِ التَّأْوِيلَانِ اللَّذَانِ قَدَّمْنَاهُمَا فِي نَظَائِره ‏ ‏أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ فَعَلَهُ مُسْتَحِلًّا لَهُ , ‏ ‏وَالثَّانِي أَنَّ جَزَاءَهُ أَنَّهَا مُحَرَّمَة عَلَيْهِ أَوَّلًا عِنْد دُخُول الْفَائِزِينَ وَأَهْل السَّلَامَة ثُمَّ إِنَّهُ قَدْ يُجَازَى فَيُمْنَعهَا عِنْد دُخُولهمْ , ثُمَّ يَدْخُلهَا بَعْد ذَلِكَ وَقَدْ لَا يُجَازَى بَلْ يَعْفُو اللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى عَنْهُ , وَمَعْنَى حَرَام : مَمْنُوعَةٌ , وَيُقَال : رَغِبَ عَنْ أَبِيهِ أَيْ : تَرَكَ الِانْتِسَاب إِلَيْهِ , وَجَحَدَهُ , يُقَال : رَغِبْت عَنْ الشَّيْء تَرَكْته وَكَرِهْته , وَرَغِبْت فِيهِ اِخْتَرْته وَطَلَبْته. ‏ ‏وَأَمَّا قَوْل أَبِي عُثْمَان : لَمَّا اُدُّعِيَ زِيَاد لَقِيت أَبَا بَكْرَة فَقُلْت لَهُ مَا هَذَا الَّذِي صَنَعْتُمْ ؟ إِنِّي سَمِعْت سَعْد بْن أَبِي وَقَّاصٍ يَقُول : سَمِعَ أُذُنَايَ مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُول : "" مَنْ اِدَّعَى أَبًا فِي الْإِسْلَام غَيْر أَبِيهِ فَالْجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَام "" فَقَالَ أَبُو بَكْرَة : أَنَا سَمِعْته مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَعْنَى هَذَا الْكَلَام الْإِنْكَار عَلَى أَبِي بَكْرَة ; وَذَلِكَ أَنَّ زِيَادًا هَذَا الْمَذْكُورُ هُوَ الْمَعْرُوف بِزِيَادِ بْن أَبِي سُفْيَان , وَيُقَال فِيهِ : زِيَادُ بْن أَبِيهِ , وَيُقَال : زِيَاد بْن أُمِّهِ , وَهُوَ أَخُو أَبِي بَكْرَة لِأُمِّهِ , وَكَانَ يُعْرَف بِزِيَادِ بْن عُبَيْد الثَّقَفِيّ , ثُمَّ اِدَّعَاهُ مُعَاوِيَة بْن أَبِي سُفْيَان وَأَلْحَقَهُ بِأَبِيهِ أَبِي سُفْيَان , وَصَارَ مِنْ جُمْلَة أَصْحَابه بَعْد أَنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ ; فَلِهَذَا قَالَ أَبُو عُثْمَان لِأَبِي بَكْرَة مَا هَذَا الَّذِي صَنَعْتُمْ ؟ وَكَانَ أَبُو بَكْرَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ مِمَّنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ , وَهَجَرَ بِسَبَبِهِ زِيَادًا , وَحَلَفَ أَنْ لَا يُكَلِّمَهُ أَبَدًا. وَلَعَلَّ أَبَا عُثْمَان لَمْ يَبْلُغْهُ إِنْكَار أَبِي بَكْرَة حِين قَالَ لَهُ هَذَا الْكَلَام , أَوْ يَكُون مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ : مَا هَذَا الَّذِي صَنَعْتُمْ ؟ أَيْ مَا هَذَا الَّذِي جَرَى مِنْ أَخِيك ؟ مَا أَقْبَحَهُ وَأَعْظَم عُقُوبَته ! فَإِنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَ عَلَى فَاعِله الْجَنَّة. ‏ ‏وَقَوْله ( اِدُّعِي ) ضَبَطْنَاهُ بِضَمِّ الدَّال وَكَسْر الْعَيْن مَبْنِيٌّ لِمَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِله أَيْ اِدَّعَاهُ مُعَاوِيَة. وَوُجِدَ بِخَطِّ الْحَافِظ أَبِي عَامِر الْعَبْدَرِيِّ اِدَّعَى بِفَتْحِ الدَّال وَالْعَيْن عَلَى أَنَّ زِيَادًا هُوَ الْفَاعِل وَهَذَا لَهُ وَجْه مِنْ حَيْثُ إِنَّ مُعَاوِيَة اِدَّعَاهُ , وَصَدَّقَهُ زِيَاد , فَصَارَ زِيَاد مُدَّعِيًا أَنَّهُ اِبْن أَبِي سُفْيَان. وَاَللَّه أَعْلَم. ‏ ‏وَأَمَّا قَوْل سَعْد ( سَمِعَ أُذُنَايَ ) ‏ ‏فَهَكَذَا ضَبَطْنَاهُ سَمِعَ بِكَسْرِ الْمِيم وَفَتْح الْعَيْن , وَأُذُنَايَ بِالتَّثْنِيَةِ. وَكَذَا نَقَلَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرو كَوْنه أُذُنَايَ بِالْأَلِفِ عَلَى التَّثْنِيَة عَنْ رِوَايَة أَبِي الْفَتْح السَّمَرْقَنْدِيّ عَنْ عَبْد الْغَافِر قَالَ : وَهُوَ فِيمَا يُعْتَمَد مِنْ أَصْل أَبِي الْقَاسِم الْعَسَاكِرِيِّ وَغَيْره ( أُذُنَيّ ) بِغَيْرِ أَلِف. وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاض أَنَّ بَعْضهمْ ضَبَطَهُ بِإِسْكَانِ الْمِيم وَفَتْح الْعَيْنِ عَلَى الْمَصْدَر وَأُذُنِي بِلَفْظِ الْإِفْرَاد قَالَ : وَضَبَطْنَاهُ مِنْ طَرِيق الْجَيَّانِيِّ بِضَمِّ الْعَيْن مَعَ إِسْكَان الْمِيم وَهُوَ الْوَجْه. قَالَ سِيبَوَيْهِ : الْعَرَب تَقُول : سَمْعُ أُذُنَيّ زَيْدًا يَقُول كَذَا. وَحُكِيَ عَنْ الْقَاضِي الْحَافِظ أَبِي عَلِيٍّ بْن سَكْرَة أَنَّهُ ضَبَطَهُ بِكَسْرِ الْمِيمِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا. وَأَنْكَرَهُ الْقَاضِي وَلَيْسَ إِنْكَاره بِشَيْءٍ. بَلْ الْأَوْجُه الْمَذْكُورَةُ كُلُّهَا صَحِيحَةٌ ظَاهِرَة. وَيُؤَيِّد كَسْر الْمِيم قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي. وَاَللَّه أَعْلَم. ‏



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!