المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (552)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (552)]
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ غِلْمَانِهِ الَّذِينَ بِوَادِي الْقُرَى وَبِخَيْبَرَ
( ش ) : قَوْلُهُ كَانَ يُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ غِلْمَانِهِ يُرِيدُ أَنَّهُ كَانَ يُخْرِجُ عَنْهُمْ زَكَاةَ الْفِطْرِ ; لِأَنَّهُمْ فِي مِلْكِهِ , وَنَفَقَتُهُمْ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ فَالزَّكَاةُ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ عَنْهُمْ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ كُنَّا نُخْرِجُ إذْ كَانَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم زَكَاةً عَنْ كُلِّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ حُرٍّ أَوْ مَمْلُوكٍ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ الْحَدِيثَ ( مَسْأَلَةٌ ) وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ لِوَاحِدٍ فَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ لِجَمَاعَةٍ فَزَكَاةُ الْفِطْرِ فِيهِ وَاجِبَةٌ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا تَجِبُ فِيهِ زَكَاةُ الْفِطْرِ وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ لِاثْنَيْنِ عَبْدَانِ مُشْتَرَكَانِ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ الْمُتَقَدِّمُ وَهُوَ كُنَّا نُخْرِجُ إذْ كَانَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ كُلِّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ حُرٍّ أَوْ مَمْلُوكٍ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ , وَهَذَا عَامٌّ فِي الْمُشْتَرَكِ وَغَيْرِهِ فَيُحْمَلُ عَلَى عُمُومِهِ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذَا مِنْ أَهْلِ الطُّهْرَةِ وَمَنْ هُوَ لَهُ مِنْ أَهْلِ الْفِطْرَةِ وَاجِدٌ لَهَا فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ زَكَاةُ فِطْرِهِ وَاجِبَةً أَصْلُهُ إِذَا كَانَ لِوَاحِدٍ. ( فَرْعٌ ) وَكَيْفَ يُخْرِجُ عَنْهُ زَكَاةَ الْفِطْرِ مَالِكَاهُ عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يُخْرِجُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْهُ بِقَدْرِ مِلْكِهِ فِيهِ وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ يُخْرِجُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْهُ فِطْرَةً كَامِلَةً , وَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ : أَنَّ الْفِطْرَةَ تَابِعَةٌ لِلنَّفَقَةِ فَلَمَّا كَانَتْ النَّفَقَةُ بَيْنَهُمَا فَكَذَلِكَ الْفِطْرَةُ وَوَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّ الْعَبْدَ مَحْبُوسٌ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِدَلِيلِ أَنَّهُ مَحْبُوسٌ بِسَبَبِهِ فِي أَحْكَامِ الرِّقِّ إِذَا انْفَرَدَ مِلْكُهُ لِحَقِّهِ مِنْهُ فَكَانَتْ عَلَيْهِ فِطْرَةٌ كَامِلَةٌ كَمَا لَوْ مَلَكَ جَمِيعَهُ. ( مَسْأَلَةٌ ) وَإِذَا ابْتَاعَ الْعَامِلُ الْعَبِيدَ بِمَالِ الْقِرَاضِ فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي إخْرَاجِ زَكَاةِ الْفِطْرِ عَنْهُمْ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْهُمْ عَلَى رَبِّ الْمَالِ يُخْرِجُهَا مِنْ مَالِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ وَأَصْبَغُ يُزَكِّي عَنْهُمْ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ وَيَكُونُ مَا بَقِيَ هُوَ رَأْسَ الْمَالِ , رَوَى ذَلِكَ عَنْهُمَا ابْنُ حَبِيبٍ وَقَدْ رَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ وَرَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَسَحْنُونٌ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْهُمْ تُخْرَجُ مِنْ مَالِ الْعَامِلِ ثُمَّ تَكُونُ مُرَاعَاةً فَإِنْ كَانَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ كَانَ لِلْعَامِلِ مِنْهَا قَدْرُ حِصَّتِهِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ : زَكَاةُ الْفِطْرِ كَالنَّفَقَةِ مِنْ الْجُمْلَةِ وَهُوَ الْقِيَاسُ ; لِأَنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ عِنْدَنَا تَابِعَةٌ لِلنَّفَقَةِ وَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ يَجِبُ أَنْ يُخْرِجَ مِمَّا بِيَدِهِ الزَّكَاةَ ; لِأَنَّ مَالَ الْقِرَاضِ لَهُ فَكَانَتْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ وَلَا يَمْلِكُ الْعَامِلُ نَصِيبَهُ مِنْ الرِّبْحِ إِلَّا بِالْقِسْمَةِ , وَوَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ ; لِأَنَّ زَكَوَاتِ الْأَمْوَالِ وَنَفَقَاتِهَا إنَّمَا حُكْمُهَا أَنْ تَكُونَ مِنْهَا فَهِيَ وَإِنْ كَانَتْ تَلْزَمُ رَبَّ الْمَالِ فَوَاجِبٌ أَنْ تُخْرَجَ مِمَّا بِيَدِ الْعَامِلِ ; لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ إِذَا أَخْرَجَهَا فَهِيَ زِيَادَةٌ فِي الْقِرَاضِ بَعْدَ الْعَمَلِ فِيهِ وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ وَوَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْمَوَّازِ أَنَّ الزَّكَاةَ وَاجِبَةٌ عَلَى الْمَالِ فَإِذَا كَانَ لِلْعَامِلِ فِيهِ حِصَّةٌ عَلَيْهِ مِنْ الزَّكَاةِ بِقَدْرِ ذَلِكَ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْعَامِلَ يَمْلِكُ حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ بِالظُّهُورِ. ( مَسْأَلَةٌ ) فَإِنْ كَانَ نِصْفُ الْعَبْدِ حُرًّا فَعَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ أَنَّ عَلَى مَالِكِ النِّصْفِ نِصْفَ الْفِطْرَةِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْعَبْدِ فِي الْبَاقِي وَرَوَى عَنْهُ أَنَّ عَلَى الْعَبْدِ مِنْ الْفِطْرَةِ بِقَدْرِ مَا عَتَقَ عَلَيْهِ وَبِهِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَرَوَى عَنْهُ مُطَّرِفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ أَنَّ عَلَى مَنْ فِيهِ بَقِيَّةُ الرِّقِّ جَمِيعَ الْفِطْرَةِ , وَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْفِطْرَةَ زَكَاةٌ وَالزَّكَاةُ غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَى مَنْ فِيهِ بَقِيَّةُ رِقٍّ فَعَلَى مَنْ مَلَكَ مِنْهُ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ وَتَسْقُطُ عَنْ حِصَّةِ الْحُرِّ زَكَاةُ الْفِطْرِ لِمَا ذَكَرَهُ وَوَجْهُ مَا قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ أَنَّ الْفِطْرَةَ تَابِعَةٌ لِلنَّفَقَةِ فَلَمَّا قُسِّطَتْ النَّفَقَةُ عَلَى الْجِزْيَةِ وَالْمِلْكِ فَكَذَلِكَ الْفِطْرَةُ , وَوَجْهُ رِوَايَةِ مُطَّرِفٍ أَنَّهُ مَحْبُوسٌ فِي حَقِّ مَنْ لَهُ فِيهِ مِلْكٌ بِأَحْكَامِ الرِّقِّ كُلِّهَا وَهَذَا مِنْ جُمْلَتِهَا فَوَجَبَ أَنْ يَلْزَمَهُ جَمِيعُ الصَّاعِ. ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ عَنْ غِلْمَانِهِ الَّذِينَ كَانُوا بِوَادِي الْقُرَى وَبِخَيْبَرَ يُرِيدُ أَنَّهُ كَانَ يُخْرِجُ عَنْهُمْ زَكَاةَ الْفِطْرِ وَإِنْ كَانُوا غُيَّبًا عَنْ مَوْضِعِ اسْتِيطَانِهِمْ بِالْمَدِينَةِ وَأَنَّ مَغِيبَهُمْ عَنْهُ لَا يُسْقِطُ عَنْهُ فِيهِمْ زَكَاةَ الْفِطْرِ.