المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (590)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (590)]
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الْوِصَالِ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنَّكَ تُوَاصِلُ فَقَالَ إِنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ إِنِّي أُطْعَمُ وَأُسْقَى
( ش ) : قَوْلُهُ إنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الْوِصَالِ يُرِيدُ وِصَالَ صَوْمِ يَوْمٍ بِصَوْمِ يَوْمٍ آخَرَ وَظَاهِرُ النَّهْيِ يَقْتَضِي الْمَنْعَ وَالتَّحْرِيمَ إِلَّا أَنَّ الصَّحَابَةَ تَلَقَّوْهُ مِنْهُ عَلَى وَجْهِ التَّخْفِيفِ عَنْهُمْ وَلِذَلِكَ وَاصَلُوا بَعْدَ نَهْيِهِ لَهُمْ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْوِصَالِ فِي الصَّوْمِ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إنَّك تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَأَيّكُمْ مِثْلِي إنِّي أَبَيْت يُطْعِمنِي رَبِّي وَيَسْقِينِ فَلَمَّا أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا عَنْ الْوِصَالِ وَصَلَ بِهِمْ يَوْمًا , ثُمَّ رَأَوْا الْهِلَالَ فَقَالَ لَوْ تَأَخَّرَ لَزِدْتُكُمْ كَالتَّنْكِيلِ لَهُمْ حِينَ أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا فَفِي هَذَا دَلِيلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى التَّحْرِيمِ وَالْمَنْعِ لَمْ يُخَالِفُوهُ بِالْمُوَاصَلَةِ كَمَا لَمْ يُخَالِفُوهُ بِصَوْمِ يَوْمِ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى لَمَّا كَانَ ذَلِكَ عَلَى التَّحْرِيمِ وَالثَّانِي أَنَّهُ وَاصَلَ بِهِمْ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِهِ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمَا وَاصَلَ بِهِمْ. ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ إنَّك تُوَاصِلُ اسْتِعْلَامًا مِنْهُمْ إِنْ كَانَ ذَلِكَ حُكْمٌ يَخْتَصُّ بِهِ دُونَ أُمَّتِهِ أَوْ لِمَعْنًى مَا يَخَافُهُ عَلَيْهِمْ مِنْ الضَّعْفِ وَيُرِيدُهُ بِهِمْ مِنْ الرِّفْقِ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنِّي لَسْت كَهَيْئَتِكُمْ إنِّي أَطْعَمُ وَأُسْقَى يُرِيدُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ حَالَهُ مِنْ هَذَا غَيْرُ حَالِهِمْ مِنْ طَرِيقِ قُوَّتِهِ عَلَى الصَّوْمِ بِمَا يُطْعِمُهُ اللَّهُ وَيَسْقِيه وَلَمْ يَقُلْ إِنَّ الزَّمَانَ مُخْتَصٌّ بِصَوْمِهِ دُونَ صَوْمِهِمْ , وَإِنَّمَا عَلَّلَ ذَلِكَ بِقُوَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا يُطْعِمُهُ رَبُّهُ وَيَسْقِيه وَلِذَلِكَ قَالَ حَدِيثُ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَبَيْت يُطْعِمنِي رَبِّي وَيَسْقِينِ فَاكْلَفُوا مِنْ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ فَبَيَّنَ أَنَّ الْمَحْظُورَ عَلَيْهِمْ مِنْ ذَلِكَ مَا لَا يُطِيقُونَهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ يُطْعَمُ وَيُسْقَى الْكِنَايَةَ عَمَّا يَخْلُقُ اللَّهُ لَهُ مِنْ الْقُوَّةِ عَلَى الصِّيَامِ الَّتِي تَقُومُ مَقَامَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فَلَا يَتَأَذَّى بِالْوِصَالِ , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ , وَلَوْ كَانَ طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ مِنْ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ الْمُعْتَادَيْنِ لَمَا كَانَ مُوَاصِلًا وَلَكَانَ مُفْطِرًا. ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ إيَّاكُمْ وَالْوِصَالَ تَأْكِيدٌ فِي الْمَنْعِ لَهُمْ مِنْهُ لَعَلَّهُ لِمَا كَانَ يَخَافُهُ مِنْ الضَّعْفِ عَلَيْهِمْ بِالْوِصَالِ عَمَّا كَانَ أَنْفَعَ مِنْهُ بِالْجِهَادِ وَالْقُوَّةِ عَلَى الْعَدُوِّ مَعَ حَاجَتِهِمْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ إِلَيْهِ فَلَمَّا سَأَلُوهُ عَنْ وِصَالِهِ أَعْلَمَهُمْ أَنَّ حَالَتَهُ فِي ذَلِكَ غَيْرُ حَالَتِهِمْ ; لِأَنَّهُ يُطْعَمُ وَيُسْقَى ( مَسْأَلَةٌ ) إِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ يَجُوزُ الْوِصَالُ وَيَصِحُّ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُصَامُ زَمَنَ اللَّيْلِ عَلَى سَبِيلِ التَّبَعِ لِلنَّهَارِ فَأَمَّا أَنْ يُفْرَدَ بِالصَّوْمِ فَلَا يَجُوزُ.