المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (605)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (605)]
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اعْتَكَفَ يُدْنِي إِلَيَّ رَأْسَهُ فَأُرَجِّلُهُ وَكَانَ لَا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إِلَّا لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ
( ش ) : وَقَوْلُهَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اعْتَكَفَ يُدْنِي إلَيَّ رَأْسَهُ الِاعْتِكَافُ اللُّزُومُ يُقَالُ فُلَانٌ عَاكِفٌ عَلَى أَمْرِ كَذَا إِذَا لَازَمَهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ قَالَ مَعْنَاهُ مُلَازِمِينَ بِالْعِبَادَةِ , وَالِاعْتِكَافُ فِي الشَّرْعِ مُلَازَمَةُ الْمَسْجِدِ لِلْعِبَادَةِ وَقَوْلُهَا يُدْنِي إلَيَّ رَأْسَهُ فَأُرَجِّلُهُ وَظَاهِرُ هَذَا امْتِنَاعُهُ مِنْ دُخُولِ الْبَيْتِ وَلَوْ لَمْ يُمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ لَدَخَلَ بَيْتَهُ وَلَمْ يَحْتَجْ إِلَى أَنْ يُدْنِيَ إلَيْهَا رَأْسَهُ كَمَا كَانَ يَفْعَلُ إِذَا لَمْ يَعْتَكِفْ وَفِي هَذَا إبَاحَةُ تَنَاوُلِ الْمَرْأَةِ مِنْ زَوْجِهَا مِنْ فَلْيِ رَأْسِهِ وَتَرْجِيلِهِ وَمُنَاوَلَتِهِ وَلَمْسِ جَسَدِهِ لِغَيْرِ لَذَّةٍ , وَإِنَّمَا يَمْتَنِعُ مِنْ مُبَاشَرَتِهَا لِلَّذَّةِ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا عَلَى مَا يَأْتِي بَعْدَ هَذَا. ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهَا وَكَانَ لَا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إِلَّا لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ تُرِيدُ أَنَّهُ كَانَ يَلْزَمُ مَوْضِعَ مُعْتَكَفِهِ وَلَا يَدْخُلُ بَيْتَهُ إِلَّا لِضَرُورَةِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَأَفْعَالُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْوُجُوبِ , وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُعْتَكِفَ لَا يَدْخُلُ بَيْتَهُ إِلَّا لِضَرُورَةِ حَاجَةِ الْإِنْسَانِ وَمَا يَجْرِي مَجْرَى ذَلِكَ مِنْ طَهَارَةِ الْحَدَثِ وَغُسْلِ الْجَنَابَةِ وَالْجُمْعَةِ مِمَّا تَدْعُو الضَّرُورَةُ إِلَيْهِ وَلَا يُفْعَلُ فِي الْمَسْجِدِ وَلَا يَدْخُلُهُ لِأَكْلٍ وَلَا نَوْمٍ وَلَا غَيْرِهِ مِنْ الْأَفْعَالِ الَّتِي يَجُوزُ فِعْلُهَا فِي الْمَسْجِدِ فَأَمَّا الْأَكْلُ فَإِنَّهُ يُبَاحُ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ فِي الْمَسْجِدِ وَلَا يَخْرُجُ لِيَأْكُلَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ فَإِنْ فَعَلَ بَعْدَ اعْتِكَافِهِ خِلَافًا لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ ; لِأَنَّهُ خَرَجَ لِفِعْلٍ يَجُوزُ الْإِتْيَانُ بِهِ فِي الْمَسْجِدِ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ كَمَا لَوْ خَرَجَ لِلصَّلَاةِ وَلِلْجُلُوسِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ.