المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (630)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (630)]
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ أَخْبَرَنِي الْفُرَافِصَةُ بْنُ عُمَيْرٍ الْحَنَفِيُّ أَنَّهُ رَأَى عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ بِالْعَرْجِ يُغَطِّي وَجْهَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ
( ش ) : قَوْلُهُ رَأَى عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ بِالْعَرْجِ يُغَطِّي وَجْهَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فَعَلَ ذَلِكَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِحَاجَتِهِ إِلَيْهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فَعَلَهُ ; لِأَنَّهُ رَآهُ مُبَاحًا وَقَدْ خَالَفَهُ ابْنُ عُمَرَ وَغَيْرُهُ فَقَالُوا : لَا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ تَغْطِيَتُهُ وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ مَالِكٌ وَإِنَّمَا ذَكَرَ فِعْلَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَذَكَرَ الْخِلَافَ عَلَيْهِ لِيَكُونَ لِلْمُجْتَهِدِ طَرِيقٌ إِلَى الِاجْتِهَادِ بِظُهُورِ الْخِلَافِ إِلَيْهِ وَوُقُوفِهِ عَلَيْهِ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ : إنَّمَا ذَلِكَ مَكْرُوهٌ وَلَيْسَ بِحَرَامٍ وَحَكَى الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ لِمُتَأَخِّرِي أَصْحَابِنَا فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ : الْكَرَاهِيَةُ وَالتَّحْرِيمُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَتَعَلَّقُ الْإِحْرَامُ بِالْوَجْهِ كَتَعَلُّقِهِ بِالرَّأْسِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْوَجْهِ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ مَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي الرَّجُلِ الَّذِي وَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ : اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَكَفِّنُوهُ فِي ثِيَابِهِ وَلَا تُخَمِّرُوا وَجْهَهُ وَلَا رَأْسَهُ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ هَذَا شَخْصٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمُ الْإِحْرَامِ فَلَزِمَهُ كَشْفُ وَجْهِهِ مَعَ السَّلَامَةِ كَالْمَرْأَةِ. ( فَرْعٌ ) فَإِنْ غَطَّى الْمُحْرِمُ وَجْهَهُ فَهَلْ عَلَيْهِ فِدْيَةٌ أَمْ لَا ؟ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ شَيْئًا , وَأَرَى أَنْ لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ وَبِهَذَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ نَظَرٌ وَقَالَ فِي غَيْرِهَا مِنْ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ هُوَ عَلَى رِوَايَتَيْنِ قَالَ : وَتَحْصِيلُ الْمَذْهَبِ أَنَّنَا إِنْ قُلْنَا بِتَحْرِيمِ التَّغْطِيَةِ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ وَإِنْ قُلْنَا بِكَرَاهِيَتِهَا دُونَ التَّحْرِيمِ فَلَا فِدْيَةَ فِيهِ.