المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (692)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (692)]
و حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ رَأَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ بِالْعَرْجِ وَهُوَ مُحْرِمٌ فِي يَوْمٍ صَائِفٍ قَدْ غَطَّى وَجْهَهُ بِقَطِيفَةِ أُرْجُوَانٍ ثُمَّ أُتِيَ بِلَحْمِ صَيْدٍ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ كُلُوا فَقَالُوا أَوَ لَا تَأْكُلُ أَنْتَ فَقَالَ إِنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ إِنَّمَا صِيدَ مِنْ أَجْلِي
( ش ) : قَوْلُهُ : إِنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ كَانَ يُغَطِّي وَجْهَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ إحْرَامَ الرَّجُلِ مُتَعَلِّقٌ بِوَجْهِهِ فَلَا يُخَمِّرُهُ وَفِعْلُ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مَنْعَهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : ذَلِكَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَيْسَ مُحَرَّمًا عَلَيْهِ وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ جَابِرٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَدَلِيلُنَا عَلَى الشَّافِعِيِّ أَنَّ هَذِهِ عِبَادَةٌ لَهَا إحْرَامٌ فَكُرِهَ لِلرَّجُلِ تَغْطِيَةُ وَجْهِهِ فِيهَا كَالصَّلَاةِ. ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فِي يَوْمٍ صَائِفٍ يُرِيدُ شَدِيدَ الْحَرِّ وَقَوْلُهُ بِقَطِيفَةِ أُرْجُوَانٍ الْقَطِيفَةُ كِسَاءٌ لَهُ خَمْلٌ وَالْأُرْجُوَانُ صُوفٌ أَحْمَرُ لَا يُنْتَقَضُ شَيْءٌ مِنْ صَبْغِهِ فَلَا يُمْنَعُ الْمُحْرِمُ مِنْهُ إِلَّا لَمَّا أَنْكَرَهُ عُمَرُ عَلَى طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ مِنْ لُبْسِ الثَّوْبِ الْمَصْبُوغِ بِالْمَدَرِ وَقَالَ إنَّكُمْ أَيُّهَا الرَّهْطُ أَئِمَّةٌ يَقْتَدِي بِكُمْ النَّاسُ.. ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَأُتِيَ بِلَحْمِ صَيْدٍ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ : كُلُوا , ثُمَّ قَالَ إنَّمَا صِيدَ مِنْ أَجْلِي ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الصَّيْدَ إنَّمَا يَحْرُمُ مِنْ الْمُحْرِمِينَ عَلَى مَنْ صِيدَ مِنْ أَجْلِهِ دُونَ غَيْرِهِ وَقَدْ خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَامْتَنَعَ مِنْ أَكْلِهِ وَإِنْ كَانَ صِيدَ مِنْ أَجْلِ عُثْمَانَ وَلَمْ يُصَدْ مِنْ أَجْلِهِ وَفِي الْمَبْسُوطِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَكَانَ مَالِكٌ لَا يَأْخُذُ بِحَدِيثِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ حِينَ قَالَ لِأَصْحَابِهِ : كُلُوا وَأَبَى أَنْ يَأْكُلَ وَمَا رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقْتَضِي صِحَّةَ ذَكَاتِهِ عِنْدَهُ , وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّ مَا صَادَهُ الْمُحْرِمُ وَذَبَحَهُ مَيْتَةٌ لَا يَجُوزُ لِحَلَالٍ وَلَا لِحَرَامٍ أَكْلُهُ , وَالِاصْطِيَادُ وَالذَّبْحُ لِأَجْلِ الْمُحْرِمِينَ مَمْنُوعٌ فَإِذَا كَانَتْ ذَكَاتُهُ هَذَا الصَّيْدَ مَمْنُوعَةً لِحَقِّ الْإِحْرَامِ فَإِنَّهُ يَجِبُ أَنْ لَا تَقَعَ بِهَا ذَكَاةٌ وَلَا اسْتِبَاحَةُ أَكْلٍ كَمَا لَوْ بَاشَرَ ذَلِكَ الْمُحْرِمُ أَوْ أَمَرَ بِهِ.