المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (722)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (722)]
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدٍ الْقَارِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ طَافَ بِالْبَيْتِ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ فَلَمَّا قَضَى عُمَرُ طَوَافَهُ نَظَرَ فَلَمْ يَرَ الشَّمْسَ طَلَعَتْ فَرَكِبَ حَتَّى أَنَاخَ بِذِي طُوًى فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ سُنَّةَ الطَّوَافِ
( ش ) : قَوْلُهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ لَمَّا قَضَى طَوَافَهُ بَعْدَ الصُّبْحِ نَظَرَ الشَّمْسَ فَلَمَّا لَمْ يَرَهَا طَلَعَتْ رَكِبَ حَتَّى صَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ بِذِي طُوًى يَقْتَضِي امْتِنَاعَهُ مِنْ الصَّلَاةِ لَمَّا لَمْ تَطْلُعْ الشَّمْسُ , وَاسْتِجَازَتُهُ تَأْخِيرَ الرُّكُوعِ لِذَلِكَ حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ بِذِي طُوًى فَصَلَّاهُمَا وَفِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ : أَحَدُهَا أَنَّ الطَّوَافَ بَعْدَ الْعَصْرِ وَالصُّبْحِ غَيْرُ مَمْنُوعٍ , وَالثَّانِي أَنَّ الرُّكُوعَ لَهُ فِي ذَيْنِك الْوَقْتَيْنِ مَمْنُوعٌ وَالثَّالِثُ - أَنَّ مِنْ حُكْمِ الرَّكْعَتَيْنِ الِاتِّصَالَ بِالطَّوَافِ إِلَّا أَنْ يَمْنَعَ مِنْ ذَلِكَ مَانِعٌ. ( الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي أَنَّ الطَّوَافَ بَعْدَ الْعَصْرِ وَالصُّبْحِ غَيْرُ مَمْنُوعٍ ) جَوَازُ الطَّوَافِ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَبَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا , وَقَدْ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الطَّوَافِ الْوَاجِبِ بَعْدَ الْعَصْرِ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَيُؤَخِّرُ الرُّكُوعَ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ , وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ : أَنَّ هَذِهِ عِبَادَةٌ أُبِيحَ فِيهَا النُّطْقُ فَجَازَ أَدَاؤُهَا بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ أَصْلُ ذَلِكَ الطَّهَارَةُ , وَوَجْهٌ ثَانٍ أَنَّ كُلَّ عِبَادَةٍ لَيْسَ لِأَدَاءِ فَرْضِهَا وَقْتٌ مُعَيَّنٌ فَإِنَّهُ لَا يُمْنَعُ نَفْلُهَا لِوَقْتٍ أَصْلُ ذَلِكَ الطَّهَارَةُ عَكْسُ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ , وَهَذَا حُكْمُ الْجَوَازِ , وَأَمَّا النَّفْلُ فَأَنْ يَكُونَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَبَعْدَ غُرُوبِهَا لِيَتَّصِلَ الرُّكُوعُ بِالطَّوَافِ ( الْبَابُ الثَّانِي فِي مَنْعِ نَفْلِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَالصُّبْحِ ) تَقَدَّمَ أَنَّ الرُّكُوعَ لِلطَّوَافِ الْوَاجِبِ وَغَيْرِهِ مَمْنُوعٌ بَعْدَ الْعَصْرِ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ذَلِكَ مُبَاحٌ , وَدَلِيلُنَا مَا قَدَّمْنَاهُ قَبْلَ هَذَا فِي بَابِ مَنْعِ النَّوَافِلِ الَّتِي لَهَا أَسْبَابٌ فِي آخِرِ كِتَابِ الصَّلَاةِ فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ إعَادَتِهِ. ( الْبَابُ الثَّالِثُ فِي اتِّصَالِ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ بِهِ ) أَمَّا اتِّصَالُ الطَّوَافِ بِرَكْعَتَيْهِ فَهُوَ مِنْ سُنَنِهِ ; لِأَنَّهَا صَلَاةٌ تُضَافُ إِلَى عِبَادَةٍ فَكَانَ مِنْ سُنَّتِهَا أَنْ تَتَّصِلَ بِهَا وَتُضَافَ إلَيْهَا كَصَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ. ( مَسْأَلَةٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ اتِّصَالَهُمَا بِهِ أَنْ يُؤْتَى بِهِمَا عَقِبَهُ وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُمَا عَنْهُ إِلَّا لِعُذْرِ الْوَقْتِ أَوْ لِعُذْرِ النِّسْيَانِ , وَذَلِكَ مَا لَمْ يُنْتَقَضْ وُضُوءُهُ ; لِأَنَّ مِنْ حُكْمِهِمَا أَنْ يُؤْتَى بِهِمَا بِطَهَارَةٍ وَاحِدَةٍ , وَذَلِكَ لَمَّا لَمْ يَلْزَمْ مِنْ اتِّصَالِهِمَا وَكَانَتْ الطَّهَارَةُ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فَاقْتَضَى ذَلِكَ أَنْ تَكُونَا بِطَهَارَةٍ وَاحِدَةٍ , وَمِثْلُ هَذَا يَلْزَمُ فِي الْوِتْرِ وَرَكْعَتَيْهِ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ( فَرْعٌ ) فَإِذَا انْتَقَضَ وُضُوءُهُ بَعْدَ الطَّوَافِ وَكَانَ طَوَافَ تَطَوُّعٍ فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ : هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَيَبْتَدِئَ الطَّوَافَ وَبَيْنَ أَنْ يَتْرُكَ ذَلِكَ , وَإِنْ كَانَ الطَّوَافُ وَاجِبًا فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ لِمَا قَدَّمْنَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَرَكِبَ حَتَّى أَنَاخَ بِذِي طُوًى فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ يُرِيدُ أَنَّهُ صَلَّى رَكْعَتَيْ طَوَافِهِ اللَّتَيْنِ امْتَنَعَ مِنْ أَنْ يُصَلِّيَهُمَا بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حِينَ لَمْ يَرَ الشَّمْسَ طَلَعَتْ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ أَنْ يُصَلِّيَهُمَا بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ غَيْرَ أَنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يُصَلِّيَهُمَا بِالْمَسْجِدِ لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى لِرُكُوعِهِ خَلْفَ الْمَقَامِ وَذَلِكَ أَفْضَلُ مَوْضِعٍ يُصَلَّى فِيهِ. ( مَسْأَلَةٌ ) فَإِنْ مَنَعَهُ الْوَقْتُ مِنْ صَلَاتِهِمَا فَحَانَتْ الصَّلَاةُ وَهُوَ فِي مَنْزِلِهِ فَقَدْ رَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ مَالِكٍ أَرْجُو أَنْ يُجْزِئَهُ أَنْ يُصَلِّيَهُمَا بِمَنْزِلِهِ , وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الرُّكُوعَ لَا يَتَعَلَّقُ بِمَوْضِعٍ مَخْصُوصٍ وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ الْإِتْيَانُ بِهِ فِي الْمَسْجِدِ لِاتِّصَالِهِ بِالطَّوَافِ وَلِكَوْنِهِمَا مِنْ تَوَابِعِ الطَّوَافِ الْمُخْتَصَّةِ بِالْمَسْجِدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.