المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (756)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (756)]
و حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لِبَنِيهِ يَا بَنِيَّ لَا يُهْدِيَنَّ أَحَدُكُمْ مِنْ الْبُدْنِ شَيْئًا يَسْتَحْيِي أَنْ يُهْدِيَهُ لِكَرِيمِهِ فَإِنَّ اللَّهَ أَكْرَمُ الْكُرَمَاءِ وَأَحَقُّ مَنْ اخْتِيرَ لَهُ
( ش ) : وَمَعْنَى ذَلِكَ الْوَعْظُ لَهُمْ وَالنَّهْيُ عَنْ أَنْ يُهْدِيَ أَحَدُهُمْ مِنْ الْهَدْيِ مَا يَسْتَحْيِي أَنْ يُهْدِيَهُ لِمَنْ يُكْرَمُ عَلَيْهِ وَذَكَّرَهُمْ بِأَنَّ اللَّهَ أَكْرَمُ الْكُرَمَاءِ وَأَحَقُّ مَنْ اُسْتُحْيِيَ مِنْهُ أَنْ يُهْدِيَ لَهُ الْحَقِيرَ وَأَوْلَى مَنْ اُخْتِيرَ لَهُ الرَّفِيعُ , وَالتَّوَقِّي فِي ذَلِكَ مِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا التَّوَقِّي مِمَّا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ , وَالْآخَرِ مِمَّا يَمْنَعُ الْفَضِيلَةَ فَأَمَّا مَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ وَالْفَضَائِلَ فَهُوَ عَلَى مَا يَأْتِي ذِكْرُهُ فِي الضَّحَايَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَدْ يَخْتَصُّ بِالْهَدْيِ مَعَانٍ نَذْكُرُهَا , وَذَلِكَ أَنَّ أَفْضَلَ الْهَدْيِ الْإِبِلُ , ثُمَّ الْبَقَرُ ثُمَّ الضَّأْنُ , ثُمَّ الْمَعْزُ بِخِلَافِ الضَّحَايَا ; لِأَنَّ الْقَصْدَ فِي الْهَدْيِ كَثْرَةُ اللَّحْمِ وَالْقَصْدَ فِي الْأُضْحِيَّةِ طِيبُ اللَّحْمِ , وَلَحْمُ الضَّأْنِ أَفْضَلُ اللُّحُومِ الَّتِي تُجْزَى فِي الضَّحَايَا. ( مَسْأَلَةٌ ) وَتُرَاعَى صِحَّتُهَا عَلَى الظَّاهِرِ مِنْ الْمَذْهَبِ حِينَ تَقْلِيدِهَا وَإِشْعَارِهَا فَإِذَا كَانَتْ مَعِيبَةً عِنْدَ التَّقْلِيدِ بِعَيْبٍ يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ , ثُمَّ زَالَ ذَلِكَ الْعَيْبُ عَنْهَا قَبْلَ النَّحْرِ فَإِنَّهَا غَيْرُ مُجْزِئَةٍ ; لِأَنَّهُ أَوْجَبَهَا مَعِيبَةً نَاقِصَةً عَنْ الْإِجْزَاءِ كَمَا لَوْ قَلَّدَهَا قَبْلَ أَنْ تَبْلُغَ سِنَّ الْإِجْزَاءِ , ثُمَّ بَلَغَتْهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهَا لَا تُجْزِئُ , وَإِنْ كَانَتْ سَلِيمَةً حِينَ التَّقْلِيدِ ثُمَّ أَصَابَهَا قَبْلَ النَّحْرِ مَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ أَجْزَأَتْ عَنْهُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ : فِي هَذَا شَيْءٌ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تُجْزِئَ ; لِأَنَّ وُجُوبَهَا لَمْ يَتَنَاهَ عِنْدَ مَالِكٍ وَهُوَ مُرَاعًى , أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَوْ عَطِبَتْ قَبْلَ أَنْ يَنْحَرَهَا لَمْ تُجْزِهِ وَعَلَيْهِ بَدَلُهَا فَكَذَلِكَ يَجِبُ إِذَا حَدَثَ بِهَا عَيْبٌ يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ أَنْ لَا تُجْزِئَ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ إيجَابَهَا بِالتَّقْلِيدِ لَمَّا لَمْ يَمْنَعْ ضَمَانَ جُمْلَتِهَا لَمْ يَمْنَعْ ضَمَانَ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.