المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (797)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (797)]
و حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عَرَفَةَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالشِّعْبِ نَزَلَ فَبَالَ فَتَوَضَّأَ فَلَمْ يُسْبِغْ الْوُضُوءَ فَقُلْتُ لَهُ الصَّلَاةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ الصَّلَاةُ أَمَامَكَ فَرَكِبَ فَلَمَّا جَاءَ الْمُزْدَلِفَةَ نَزَلَ فَتَوَضَّأَ فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ ثُمَّ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ ثُمَّ أَنَاخَ كُلُّ إِنْسَانٍ بَعِيرَهُ فِي مَنْزِلِهِ ثُمَّ أُقِيمَتْ الْعِشَاءُ فَصَلَّاهَا وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا
( ش ) قَوْلُهُ دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عَرَفَةَ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ دَفْعَهُ كَانَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَقَدْ قَالَ اِبْنُ حَبِيبٍ : وَإِذَا دَفَعَ الْإِمَامُ مِنْ عَرَفَةَ فَارْفَعْ يَدَيْك إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَادْفَعْ وَعَلَيْك السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ وَإِنْ كُنْت رَاجِلًا فَامْشِ الْهُوَيْنَا وَلَا تَنْسَلَّ وَإِنْ كُنْت رَاكِبًا فَاعْنَقْ وَلَا تُهَرْوِلْ وَلَا بَأْسَ إِذَا وَجَدْت فَجْوَةَ أَنْ تُحَرِّكَ شَيْئًا وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ الْمُتَقَدِّمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسِيرُ الْعَنَقَ فَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ. ( مَسْأَلَةٌ ) وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَأْخُذَ فِي طَرِيقِهِ مِنْ عَرَفَةَ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ بَيْنَ الْمَأْزِمَيْنِ رَوَاهُ اِبْنُ الْمَوَّازِ وَابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ : فَإِنْ أَخَذَ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ الطَّرِيقِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إِخْلَالُ النُّسُكِ. ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالشِّعْبِ نَزَلَ فَبَالَ لَيْسَ النُّزُولُ بِالشِّعْبِ بِسُنَّةٍ وَلَا مَشْرُوعٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْعِبَادَاتِ قَالَ اِبْنُ حَبِيبٍ : لَمْ يَنْزِلْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ عَرَفَاتٍ وَجَمَعَ إِلَّا لِيُهْرِيقَ الْمَاءَ وَقَالَ عِكْرِمَةُ : الشِّعْبُ الَّتِي كَانَتْ الْأُمَرَاءُ تَنْزِلُهُ اِتَّخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَبَالًا وَاِتَّخَذْتُمُوهُ مُصَلَّى. ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَتَوَضَّأَ وَلَمْ يُسْبِغْ الْوُضُوءَ يُرِيدُ بِقَوْلِهِ تَوَضَّأَ الِاسْتِنْجَاءَ مِنْ الْبَوْلِ وَيُرِيدُ بِقَوْلِهِ لَمْ يُسْبِغْ الْوُضُوءَ لَمْ يَتَوَضَّأْ وُضُوءَ الْحَدَثِ وَلِذَلِكَ قَالَ أُسَامَةُ : الصَّلَاةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَذْكِرَةً لَهَا لِمَا رَأَى مِنْ تَرْكِهِ الِاسْتِعْدَادَ لَهَا بِالْوُضُوءِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ فَتَوَضَّأَ وُضُوءَ الْحَدَثِ وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يُسْبِغْ الْوُضُوءَ لَمْ يُبَالِغْ فِيهِ مُبَالَغَتَهُ إِذَا أَرَادَ الصَّلَاةَ بِهِ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى فِي الْحَدِيثِ فَيَكُونُ وُضُوءُ ذَلِكَ وُضُوءًا آخَرَ لِيَكُونَ عَلَى طَهَارَةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةُ أَمَامَك يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِوَقْتِ الصَّلَاةِ أَوْ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِمَوْضِعٍ لِلصَّلَاةِ أَوْ أَنَّ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا قَدْ اِتَّفَقَا هُنَالِكَ وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ لَا يَخْلُو أَنْ يَقِفَ بِهَا مَعَ الْإِمَامِ أَوْ بِأَثَرِ دَفْعِ الْإِمَامِ فَمَنْ وَقَفَ مَعَ الْإِمَامِ وَدَفَعَ بِدَفْعِهِ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ : لَا يُصَلِّي حَتَّى يَأْتِيَ الْمُزْدَلِفَةَ فَيَجْمَعَ بَيْنَهُمَا وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةُ أَمَامَك. ( فَصْلٌ ) فَمَنْ صَلَّى قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ الْمُزْدَلِفَةَ دُونَ عُذْرٍ فَقَدْ قَالَ اِبْنُ حَبِيبٍ : يُعِيدُ مَتَى عَلِمَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ صَلَّى قَبْلَ الزَّوَالِ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةُ أَمَامَك وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَقَالَ أَشْهَبُ : بِئْسَ مَا صَنَعَ وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يُصَلِّيَهُمَا قَبْلَ مَغِيبِ الشَّفَقِ فَيُعِيدُ الْعِشَاءَ وَحْدَهَا أَبَدًا وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَهُوَ الَّذِي نَصَرَهُ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ وَاحْتَجَّ لَهُ بِأَنَّ هَاتَيْنِ صَلَاتَانِ سُنَّ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ شَرْطًا فِي صِحَّتِهِمَا وَإِنَّمَا كَانَ عَلَى مَعْنَى الِاسْتِحْبَابِ كَالْجَمْعِ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِعَرَفَةَ. ( مَسْأَلَةٌ ) وَمَنْ أَسْرَعَ فَأَتَى الْمُزْدَلِفَةَ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّفَقِ فَقَدْ قَالَ اِبْنُ حَبِيبٍ : لَا صَلَاةَ لِمَنْ عَجَّلَ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّفَقِ لَا لِإِمَامٍ وَلَا غَيْرِهِ حَتَّى يَغِيبَ الشَّفَقُ وَوَجْهُ ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الصَّلَاةُ أَمَامَك ثُمَّ صَلَّاهَا بِالْمُزْدَلِفَةِ بَعْدَ مَغِيبِ الشَّفَقِ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ وَقْتَ هَذِهِ الصَّلَاةِ بَعْدَ مَغِيبِ الشَّفَقِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُؤْتَى بِهَا قَبْلَهُ وَلَوْ كَانَ لَهَا وَقْتٌ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّفَقِ لَمَا أُخِّرَتْ عَنْهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ( مَسْأَلَةٌ ) وَأَمَّا مَنْ أَتَى عَرَفَةَ بَعْدَ دَفْعِ الْإِمَامِ وَكَانَ لَهُ عُذْرٌ مِمَّنْ وَقَفَ مَعَ الْإِمَامِ فَقَدْ قَالَ اِبْنُ الْمَوَّازِ مَنْ وَقَفَ بَعْدَ الْإِمَامِ فَلْيُصَلِّ كُلَّ صَلَاةٍ لِوَقْتِهَا وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ يَمْنَعُهُ أَنْ يَكُونَ مَعَ الْإِمَامِ أَنَّهُ يُصَلِّي إِذَا غَابَ الشَّفَقُ الصَّلَاتَيْنِ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا وَهَذَا يَقْتَضِي مُرَاعَاتَهُ لِلْوَقْتِ دُونَ الْمَكَانِ وَقَالَ اِبْنُ الْقَاسِمِ فِيمَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ بَعْدَ الْإِمَامِ : إِنْ رَجَا أَنْ يَأْتِيَ الْمُزْدَلِفَةَ ثُلُثَ اللَّيْلِ فَلْيُؤَخِّرْ الصَّلَاتَيْنِ حَتَّى يَأْتِيَ الْمُزْدَلِفَةَ وَإِلَّا صَلَّى كُلَّ صَلَاةٍ لِوَقْتِهَا فَجَعَلَ اِبْنُ الْمَوَّازِ تَأْخِيرَ الصَّلَاةِ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ لِمَنْ وَقَفَ مَعَ الْإِمَامِ دُونَ غَيْرِهِ وَاعْتَبَرَ مَالِكٌ بِالْوَقْتِ دُونَ الْمَكَانِ وَاعْتَبَرَ اِبْنُ الْقَاسِمِ بِالْوَقْتِ الْمُخْتَارِ لِلصَّلَاةِ وَالْمَكَانِ فَإِنْ خَافَ فَوَاتَ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ بَطَلَ اِعْتِبَارُ الْمَكَانِ وَكَانَ مُرَاعَاةُ وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ أَوْلَى. ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَلَمَّا جَاءَ الْمُزْدَلِفَةَ تَوَضَّأَ فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ إِنْ كَانَ وُضُوءُهُ الْأَوَّلُ هُوَ الِاسْتِنْجَاءُ فَإِنَّهُ يُرِيدُ الْوُضُوءَ هَاهُنَا وُضُوءَ الْحَدَثِ وَإِنْ كَانَ وُضُوءُهُ بِالشِّعْبِ وُضُوءَ الْحَدَثِ غَيْرَ أَنَّهُ اِقْتَصَرَ فِيهِ عَلَى أَقَلِّ الْوَاجِبِ فَإِنَّ إِسْبَاغَهُ هَاهُنَا الْإِتْيَانُ بِهِ عَلَى أَتَمِّ أَحْوَالِهِ. ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ ثُمَّ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَصَلَّى يُرِيدُ أَنَّهُ بَدَأَ بِالصَّلَاةِ وَلَمْ يُؤَخِّرْهَا لِأَنَّ حُلُولَهَا إِنَّمَا هُوَ مَغِيبُ الشَّفَقِ وَمَغِيبُ الشَّفَقِ مَعَ الْوُصُولِ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ وَقَدْ وُجِدَ الْأَمْرَانِ فَيَجِبُ تَقْدِيمُهُمَا وَقَدْ سُئِلَ مَالِكٌ فِيمَنْ أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ أَيَبْدَأُ بِالصَّلَاةِ أَمْ يُؤَخِّرُ حَتَّى يَحُطَّ عَنْ رَاحِلَتِهِ فَقَالَ : أَمَّا الرَّحْلُ الْخَفِيفُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَبْدَأَ بِهِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَأَمَّا الْمَحَامِلُ وَالزَّوَامِلُ فَلَا أَرَى ذَلِكَ وَلْيَبْدَأْ بِالصَّلَاتَيْنِ ثُمَّ يَحُطُّ رَاحِلَتَهُ وَقَالَ أَشْهَبُ فِي كِتَابِهِ : لَوْ حَطَّ رَحْلَهُ وَحَطَّهُ لَهُ بَعْدَ أَنْ يُصَلِّيَ الْمَغْرِبَ أَحَبُّ إِلَيَّ مَا لَمْ يَضْطَرَّ إِلَى ذَلِكَ لِمَا بِدَابَّتِهِ مِنْ الثِّقَلِ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْعُذْرِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ تَقْدِيمَ الصَّلَاةِ مَشْرُوعٌ لِأَنَّ ذَلِكَ فِعْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَ أَنَّ الْعَمَلَ الْيَسِيرَ لَيْسَ بِفَاصِلٍ بَيْنَ الْوُصُولِ وَالصَّلَاةِ لَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ لِعُذْرٍ وَقَدْ تَوَضَّأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمُزْدَلِفَةِ. ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ ثُمَّ أَنَاخَ كُلُّ إِنْسَانٍ بَعِيرَهُ ثُمَّ أُقِيمَتْ الْعِشَاءُ فَصَلَّاهَا يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ تَعْجِيلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ عِنْدَ الْوُصُولِ أَوْ قَبْلَ أَنْ يُعِدَّ كُلُّ إِنْسَانٍ مَكَانَ نُزُولِهِ فَلَمَّا صَلَّى الْمَغْرِبَ اِتَّسَعَ الْوَقْتُ لِلْعِشَاءِ فَذَهَبَ كُلُّ إِنْسَانٍ إِلَى تَعْيِينِ مَكَانِ نُزُولِهِ وَإِنَاخَةِ بَعِيرِهِ بِهِ وَتَعَشَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى رِوَايَةِ اِبْنِ مَسْعُودٍ لِيُتَمِّمَ كُلُّ إِنْسَانٍ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ إِنَاخَةِ بَعِيرِهِ وَالتَّخْفِيفِ عَنْ رَاحِلَتِهِ قَالَ أَشْهَبُ : يَحُطُّ عَنْ رَاحِلَتِهِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ إِنْ شَاءَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهَا ثِقَلٌ فَإِنَّ ذَلِكَ قَرِيبٌ لَا تَفَاوُتَ فِيهِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِعَمَلٍ مَشْرُوعٍ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فَيُعْتَبَرُ وَإِنَّمَا هُوَ مُبَاحٌ مُوَسَّعٌ فِيهِ. ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ ثُمَّ أُقِيمَتْ الْعِشَاءُ فَصَلَّاهَا وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا يُرِيدُ أَنَّهُ لَمْ يَتَنَفَّلْ بَيْنَهُمَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ اِبْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ صَلَّى بَعْدَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ تَعَشَّى ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ وَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ : لَا يَتَعَشَّى قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ الْمَغْرِبَ وَإِنْ خَفَّفَ وَلْيُصَلِّ الْمَغْرِبَ ثُمَّ يَتَعَشَّى قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ الْعِشَاءَ إِنْ كَانَ عِشَاؤُهُ خَفِيفًا وَإِنْ كَانَ فِيهِ طُولٌ فَلْيُؤَخِّرْهُ حَتَّى يُصَلِّيَ الْعِشَاءَ أَحَبُّ إِلَيَّ وَيَحْتَمِلُ هَذَا أَنْ يَكُونَ الْجَمْعُ هُنَاكَ لَيْسَ بِمَقْصُودٍ فِي نَفْسِهِ وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ تَأْخِيرُ الْمَغْرِبِ إِلَى بَعْدِ مَغِيبِ الشَّفَقِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْعَمَلُ الْيَسِيرُ لَيْسَ بِفَاصِلٍ وَلَا مَانِعٍ مِنْ حُكْمِ الْجَمْعِ عَلَى مَا قَالَ أَشْهَبُ وَرَوَى اِبْنُ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ فَجَمَعَ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا نَافِلَةً وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا وَلَا عَلَى أَثَرِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَقْصِدَ الْوَقْتَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.