المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (827)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (827)]
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَضَى فِي الضَّبُعِ بِكَبْشٍ وَفِي الْغَزَالِ بِعَنْزٍ وَفِي الْأَرْنَبِ بِعَنَاقٍ وَفِي الْيَرْبُوعِ بِجَفْرَةٍ
( ش ) : قَوْلُهُ إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَضَى فِي الضَّبْعِ بِكَبْشٍ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ عَدْلٌ لَهُ مِنْ النَّعَمِ وَأَشْبَهَ النَّعَمِ بِهِ قَدْرًا أَوْ قَضَى فِي الْغَزَالِ بِعَنْزٍ عَلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى أَيْضًا لِأَنَّ الْعَنْزَ أَشْبَهُ النَّعَمِ بِالْغَزَالِ وَأَقْرَبُهَا قَدْرًا إِلَيْهِ وَالْكَبْشُ وَالْعَنْزُ مِمَّا يَصِحُّ أَنْ يُهْدَى فَجَازَ أَنْ يَكُونَا عِوَضًا عَنْ الضَّبْعِ وَالْغَزَالِ يُهْدِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَزَاءً عَنْ إصَابَةِ نَظِيرِهِ مِنْ الصَّيْدِ كَمَا قَالَ تَعَالَى فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ. ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُهُ وَفِي الْأَرْنَبِ بِعَنَاقٍ وَفِي الْيَرْبُوعِ بِجَفْرَةٍ الْعَنَاقُ الْأُنْثَى مِنْ أَوْلَادِ الْمَعْزِ إِذَا رَعَى وَقَوِيَ وَالْجَفْرَةُ الْأُنْثَى مِنْ أَوْلَادِهَا إِذَا بَلَغَتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَفُصِلَ عَنْ أُمِّهِ وَفَرَّقَ عُمَرُ بَيْنَ الْأَرْنَبِ وَالْيَرْبُوعِ فَجَعَلَ فِي الْأَرْنَبِ عَنَاقًا وَفِي الْيَرْبُوعِ جَفْرَةً وَهِيَ دُونَ الْعَنَاقِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ أَفْتَى فِي الضَّبِّ بِهَدْيٍ وَاَلَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ أَنَّ كُلَّ مَا صَغُرَ عَنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ نَظِيرٌ مِنْ النَّعَمِ يُهْدَى فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إِلَّا. صِيَامٌ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمَبْسُوطِ لَا يُحْكَمُ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ بِجَفْرَةٍ وَلَا عَنَاقٍ وَلَا يُحْكَمُ بِدُونِ الْمُسِنِّ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ قوله تعالى فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ فَقُيِّدَ ذَلِكَ بِالْهَدْيِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَخْرُجَ فِي ذَلِكَ مَا لَيْسَ بِهَدْيٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْجَزَاءِ الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ الْآيَةُ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذَا حَيَوَانٌ لَا يَكُونُ بَدَلُهُ هَدْيًا فَلَمْ يَكُنْ لَهُ بَدَلٌ مِنْ النَّعَمِ أَصْلُ ذَلِكَ صِغَارُ الطَّيْرِ وَالْحَشَرَاتِ. ( مَسْأَلَةٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَقَدْ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي الْأَرْنَبِ وَفِي الْيَرْبُوعِ فَفِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْزٌ وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَيْسَ فِيمَا دُونَ الظبي إِلَّا الطَّعَامُ أَوْ الصِّيَامُ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ إنَّمَا يُرَاعَى الْمِثْلُ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ مِنْ جِهَةِ الْقَدْرِ وَالصُّورَةِ وَقَدْ وُجِدَ فِي الْيَرْبُوعِ الْمِثْلُ مِنْ جِهَةِ الصُّورَةِ فَوَجَبَ أَنْ يُطْلَبَ أَقْرَبُ الْمِثْلِ إِلَيْهِ مِنْ جِهَةِ الْقَدْرِ كَمَا يُفْعَلُ ذَلِكَ فِي صِغَارِ الْوَحْشِ فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ لَهُ مِثْلٌ مِنْ جِهَةِ الصُّورَةِ لَمْ يُرَاعَ الْقَدْرُ فَحَكَمْنَا فِي صَغِيرِ النَّعَامِ بِمَا يُحْكَمُ فِيهِ بِكَبِيرِهِ وَهِيَ الْبَدَنَةُ مَعَ تَفَاوُتِ مَا بَيْنَهُمَا فِي الْقَدْرِ وَوَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّ الصِّفَةَ وَالْقَدْرَ يَجِبُ أَنْ يُرَاعَا فِي الْجِنْسِ فَإِذَا كَانَ الشَّبَهُ يَقْرُبُ مِنْ جِهَةِ الصُّورَةِ وَالشَّبَهُ يَقْرُبُ مِنْ جِهَةِ الْقَدْرِ فِي الْجِنْسِ حَكَمْنَا فِيهِ بِالْمِثْلِ وَإِذَا تَفَاوَتَ فِي الْقَدْرِ فِي جُمْلَةِ الْجِنْسِ وَجَبَ أَنْ لَا يُحْكَمَ فِيهِ بِمِثْلٍ كَمَا لَا يُحْكَمُ فِي صِغَارِ الطَّيْرِ وَالْحَشَرَاتِ وَلَا يَدْخُلُ عَلَى هَذَا صِغَارُ مَا لَهُ مِثْلٌ لِأَنَّ الشَّبَهَ مِنْ جِهَةِ الضَّرُورَةِ وَالْقَدْرِ قَدْ وُجِدَ فِي الْجِنْسِ.