المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (834)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (834)]
حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ مُجَاهِدٍ أَبِي الْحَجَّاجِ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ لَعَلَّكَ آذَاكَ هَوَامُّكَ فَقُلْتُ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْلِقْ رَأْسَكَ وَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ أَوْ انْسُكْ بِشَاةٍ
( ش ) : قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَلَّكَ أَذَاكَ هَوَامُّكَ يُرِيدُ الْقَمْلَ فَهُوَ هَوَامُّ الْإِنْسَانِ الْمُخْتَصُّ بِجَسَدِهِ فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثْرَتَهَا سَأَلَهُ عَنْ تَأَذِّيهِ بِهَا فَأَعْلَمَهُ بِذَلِكَ فَقَالَ لَهُ : احْلِقْ رَأْسَك يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ النَّدْبِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهِ الْإِبَاحَةِ ثُمَّ أَعْلَمَهُ بِمَا يَلْزَمُهُ فِي حَلْقِ رَأْسِهِ وَهِيَ الْفِدْيَةُ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ إزَالَةَ الْقَمْلِ عَنْ رَأْسِ الْإِنْسَانِ مَمْنُوعٌ وَمِمَّا يَجِبُ بِهِ الْفِدْيَةُ وَإِلَّا فَقَدْ كَانَ يَأْمُرُهُ بِمَشْطِ رَأْسِهِ وَاسْتِعْمَالِ مَا يَقْتُلُهَا وَيُزِيلُهَا مَعَ بَقَاءِ شَعْرِهِ لَكِنْ لَمَّا كَانَتْ الضَّرُورَةُ تُبِيحُ الْأَمْرَيْنِ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَجِبُ بِإِزَالَتِهَا فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ وَهُوَ أَقْرَبُ تَنَاوُلًا فِيمَا يُرِيدُ وَأَعَمُّ مَنْفَعَةً وَرَاحَةً أَمَرَهُ بِالْحِلَاقِ. ( مَسْأَلَةٌ ) وَهَذَا حُكْمُ إزَالَةِ الْقَمْلِ عَنْ الْجَسَدِ فِي الْمَنْعِ مِنْهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : إِنَّ أَخْذَ الْقَمْلَةِ مِنْ الْجَسَدِ مُبَاحٌ وَلَا شَيْءَ فِيهِ وَفِي أَخْذِهَا مِنْ الرَّأْسِ الْفِدْيَةُ بِشَيْءٍ لَا لِأَجْلِ الْقَمْلَةِ وَلَكِنْ لِأَنَّهُ تَرَفَّهَ بِأَخْذِ الْهَوَامِّ مِنْ رَأْسِهِ وَأَزَالَ الْأَذَى وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذَا أَزَالَ قَمْلَةً مِنْ حَبْسِهَا لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ فَكَانَ مَمْنُوعًا مِنْ ذَلِكَ يَجِبُ بِهِ عَلَيْهِ فِدْيَةٌ أَصْلُ ذَلِكَ إِذَا أَخَذَهَا مِنْ رَأْسِهِ. ( مَسْأَلَةٌ ) وَهَذَا لِمَنْ قَصَدَ إزَالَةَ الشَّعْرِ فَأَمَّا مَنْ لَمْ يَقْصِدْ إزَالَتَهُ وَإِنَّمَا قَصَدَ إِلَى فِعْلٍ آخَرَ فَكَانَ سَبَبُهَا تَسَاقُطَ شَعْرٍ مِنْ لِحْيَتِهِ أَوْ رَأْسِهِ فَلَا فِدْيَةَ فِيهِ وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدٌ فِيمَنْ سَقَطَ مِنْ شَعْرِ رَأْسِهِ شَيْءٌ لِحَمْلِ مَتَاعِهِ أَوْ جَرِّ يَدِهِ عَلَى لِحْيَتِهِ فَتَسَاقَطَ مِنْهَا الشَّعْرَةُ أَوْ الشَّعْرَتَانِ أَوْ اغْتَسَلَ تَبَرُّدًا فَتَسَاقَطَ مِنْهُ شَعْرٌ كَثِيرٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ إزَالَتَهُ وَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ كُلِّ مَا يَجُرُّ ذَلِكَ وَيُسَبِّبُهُ لَامْتَنَعَ مِنْ أَكْثَرِ التَّصَرُّفِ وَالْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَالرُّكُوبِ وَمَسْحِ الْوَجْهِ فَإِذَا كَانَتْ مُبَاحَةً لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ إلَيْهَا وَكَانَ الْمُعْتَادُ تَسَاقُطَ الشَّعْرِ بِهَا اسْتَحَالَ أَنْ يَجِبَ شَيْءٌ بِذَلِكَ.