المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (موطأ مالك) - [الحديث رقم: (864)]
(موطأ مالك) - [الحديث رقم: (864)]
و حَدَّثَنِي مَالِك عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ رَجُلًا يَسْأَلُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ عَنْ الْأَنْفَالِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْفَرَسُ مِنْ النَّفَلِ وَالسَّلَبُ مِنْ النَّفَلِ قَالَ ثُمَّ عَادَ الرَّجُلُ لِمَسْأَلَتِهِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ذَلِكَ أَيْضًا ثُمَّ قَالَ الرَّجُلُ الْأَنْفَالُ الَّتِي قَالَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ مَا هِيَ قَالَ الْقَاسِمُ فَلَمْ يَزَلْ يَسْأَلُهُ حَتَّى كَادَ أَنْ يُحْرِجَهُ ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَتَدْرُونَ مَا مَثَلُ هَذَا مَثَلُ صَبِيغٍ الَّذِي ضَرَبَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ
( ش ) : سُؤَالُ الرَّجُلِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ عَنْ الْأَنْفَالِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ الْأَنْفَالِ الْمَذْكُورَةِ فِي قوله تعالى يَسْأَلُونَك عَنْ الْأَنْفَالِ قُلْ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ قَالَ عِكْرِمَةُ وَمُجَاهِدُ وَابْنُ عَبَّاسٍ : هِيَ الْغَنَائِمُ قِيلَ : وَالْأَنْفَالُ جَمْعُ نَفْلٍ وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ الْغَنِيمَةُ نَفْلًا لِأَنَّهَا تَفَضُّلٌ مِنْ اللَّهِ عَلَى النَّاسِ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا : الْأَنْفَالُ هِيَ الزِّيَادَاتُ الَّتِي يَزِيدُهَا الْأَئِمَّةُ لِلنَّاسِ إِذَا شَاءُوا ذَلِكَ وَلَوْ كَانَتْ فِيهِ مَصْلَحَةٌ وَقَالَ الْحَسَنُ : الْأَنْفَالُ مَا شَذَّ مِنْ الْعَدُوِّ وَمِنْ عَبْدٍ أَوْ دَابَّةٍ لِلْإِمَامِ أَنْ يُعْطِيَ ذَلِكَ مَنْ شَاءَ فَمَنْ قَالَ : إِنَّ الْأَنْفَالَ هِيَ الْغَنَائِمُ قَالَ : إِنَّ الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَمَنْ قَالَ بِالْقَوْلَيْنِ بَعْدَهُ جَعَلَهَا مُحْكَمَةً فَإِذَا تَقَرَّرَ مَا ذَكَرْنَاهُ وَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ سُؤَالُ الرَّجُلِ عَنْ الْأَنْفَالِ الْمَذْكُورَةِ فَكَانَ سُؤَالُهُ عَنْ مَعْنَى هَذِهِ اللَّفْظَةِ وَمُقْتَضَاهَا فَأَجَابَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ بِذِكْرِ مَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِنْهَا وَهُوَ بَعْضُهَا وَإِنَّمَا يَكُونُ هَذَا جَوَابًا لِمَنْ عَرَفَ أَنَّ الْأَنْفَالَ هِيَ الزِّيَادَةُ الَّتِي. تَثْبُتُ بِالشَّرْعِ أَوْ بِالْعُرْفِ فِي الشَّرْعِ وَأَمَّا مَنْ سَأَلَ عَنْ نَفْسِ الْأَنْفَالِ فَلَيْسَ هَذَا جَوَابُهُ وَلَعَلَّ ذَلِكَ الرَّجُلَ لَمْ يَتَبَيَّنْ سُؤَالَهُ وَلَا تَبَيَّنَ مُرَادَهُ فَاعْتَقَدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَسْأَلُهُ عَمَّا قَدْ جَاوَبَهُ بِهِ أَوْ لَعَلَّهُ قَدْ اقْتَرَنَ بِسُؤَالِهِ مِنْ سُوءِ التَّأْوِيلِ وَإِظْهَارِ الْإِعْجَابِ بِقَوْلِهِ وَادِّعَاءِ الْمَعْرِفَةِ بِمَا سَأَلَ عَنْهُ وَانْفِرَادِهِ بِمَعْرِفَةِ ذَلِكَ مَا اقْتَضَى أَنْ يُجَاوِبَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ بِمَا جَاوَبَهُ بِهِ أَوْ لَعَلَّهُ رَأَى أَنَّهُ مِمَّنْ لَا يَسْتَحِقُّ السُّؤَالَ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَأَنَّهُ مِمَّنْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ مَسَائِلِ وُضُوئِهِ وَصَلَاتِهِ لِقِلَّةِ مَعْرِفَتِهِ فَيُغْفِلُ ذَلِكَ وَيُقْبِلُ عَلَى السُّؤَالِ عَنْ مِثْلِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ الَّتِي لَا تَلِيقُ بِهِ وَلَا يَفْهَمُهَا وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى مَعْرِفَتِهَا فَلِذَلِكَ قَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ : أَتَدْرُونَ مَا مِثْلُ هَذَا ؟ مِثْلُ صَبِيغٍ الَّذِي ضَرَبَهُ عُمَرُ بِالدِّرَّةِ وَقِصَّةُ صَبِيغٍ الْمَذْكُورِ مَا رَوَى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ قَالَ : جَاءَ صَبِيغٌ التَّيْمِيُّ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَخْبِرْنِي عَنْ الذَّارِيَاتِ ذَرْوًا ؟ قَالَ : هِيَ الرِّيَاحُ قَالَ : فَأَخْبِرْنِي عَنْ الْحَامِلَاتِ وِقْرًا ؟ قَالَ : هِيَ السَّحَابُ قَالَ : فَأَخْبِرْنِي عَنْ الْجَارِيَاتِ يُسْرًا ؟ قَالَ : هِيَ السُّفُنُ ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَضَرَبَهُ مِائَةً وَجَعَلَهُ فِي بَيْتٍ فَلَمَّا بَرَأَ دَعَا بِهِ فَضَرَبَهُ مِائَةً أُخْرَى وَحَمَلَهُ عَلَى قَتَبٍ وَكَتَبَ إِلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ : امْنَعْ النَّاسَ مِنْ مُجَالَسَتِهِ فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى أَتَى أَبَا مُوسَى فَحَلَفَ لَهُ بِالْأَيْمَانِ الْمُغَلَّظَةِ مَا يَجِدُ فِي نَفْسِهِ مِمَّا كَانَ يَجِدُ شَيْئًا فَكَتَبَ فِي ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ فَكَتَبَ عُمَرُ : مَا أَخَالُهُ إِلَّا قَدْ صَدَقَ فَخَلِّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُجَالَسَتِهِ النَّاسَ.