ومنهم أبو محمد عبد الله بن محمد المرتعش النيسابوري رحمه الله تعالى
صحب أبا حفص وأبا عثمان، والجنيد، وأقام ببغداد حتى صار أوحد مشايخ العراق، وكانوا يقولون: عجائب بغداد في التصوف ثلاثة الشبلي في الإشارات، والمرتعش في المكاشفات، وجعفر الخلدي في الحكايات، وكان رحمه الله مقيماً بمسجد الشونيزية مات ببغداد سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، ومن كلامه رضي الله عنه سكون القلوب إلى غير الله عقوبة عجلها الله للعبد في الدنيا، وكان رضي الله عنه يقول: ذهبت حقائق الأشياء، وبقيت أسماؤها فالأسمار موجودة، والحقائق مفقودة، والدعاوى في السرائر مكنونة، والألسنة بها فصيحة، وعن قريب تفقد هذه الألسن، وهذه الدعاوى فلا يوجد لسان ناطق، ولا مدع صائب، وكان يقول: المسلم محبوب إلى الخلق، والمؤمن غني عن الخلق، واعتكف مرة قي العشر الأخير من رمضان فرأى المتعبدين يتهجدون، والقراء يقرءون فقطع الاعتكاف، وخرج فقيل له في ذلك فقال: لما رأيت تعظيمهم لطاعتهم واعتمادهم على عبادتهم لم يسعني إلا الخروج خوفاً من نزول البلاء عليهم رضي الله عنه.