ومنهم أبو يعقوب إسحاق بن محمد النهرجوري رضي الله عنه
صحب الجنيد، وعمرو بن عثمان المكي، وأبا يعقوب السوسي، وغيرهم من المشايخ أقام بالحرم مجاوراً سنين كثيرة، ومات سنة ثلاثين وثلاثمائة رضي الله عنه، ويهان يقول: في معنى قولهم احترسوا من الناس بسوء الظن أي سوء الظن بأنفسكم لا بالناس، وكان يقول: من كان شبعه بالطعام لم يزل جائعاً، ومن كان غناه بالمال لم يزل فقيراً، ومن مال باطنه إلى العطاء من الخلق لم يزل محروماً، ومن استعان على أمر بغير الله لم يزل مخذولا، وكان يقول: طلب أهل الله الحقائق فسادوا الخلائق، ولذلك قالوا: لا يطلب الحق لأن الطلب لا يكون إلا لمفقود، ولا يطلب دركه لأنه لا غاية له، ومن أراد وجود الموجود فهو مغرور، وإنما الموجود عندنا محرفة حال، وكشف علم بلا حال، وقال في قوله تعالى: " وشروه بثمن بخس دراهم معدودة " ، وكانوا فيه من الزاهدين لو جعلوا ثمنه عليه السلام الكونين لكان بخساً في مشاهدته، وما خص به صلى الله عليه وسلم، وكان رضي الله عنه يقول: مشاهدة القلوب تعريف، ومشاهدة الأراوح تحقيق، وكان يقول: أعرف الناس بالله أشدهم فيه. تحيراً، وسئل رضي الله عنه مرة عن التصوف فقال آه آه تلك أمة قد خلت ثم قال رضي الله عنه للسائل: يا أخي زفرات القلوب بودائع الحضور من حيث خاطبها الحق، وهي في صورة الذرة فأخبر عنها بقوله: ألست بربكم قالوا بلى، وكان يقول: ما رأته العيون ينسب إلى العلم، وما رأته القلوب ينسب إلى اليقين، وسئل رضي الله عنه عن الطريق إلى الله تعالى فقال للسائل: اجتنب الجهلاء واصحب العلماء، واستعمل العلم، وداوم الذكر، وأنت إذن من أهل الطريق رضي الله عنه.